@ 173 @ .
أما الأحناف ، فقال في شرح الهداية ما نصه : وقد نسب إلى مذهب أبي حنيفة أنها ليست بفرض . ثم قال : وهذا من جهلهم ، وسبب غلطهم قول القدوري : ومن صلى الظهر يوم الجمعة في منزله ولا عذر له كره له ذلك وجازت صلاته ، وإنما أراد حرم عليه وصحت الظهر بترك الفرض . إلى آخره . .
ثم قال : وقد صرح أصحابنا بأنها فرض آكد من الظهر ، وذكر أول الباب ، اعلم أن الجمعة فريضة محكمة بالكتاب والسنة والإجماع ، فحكي الإجماع على وجوبها وجهل من نسب إلى مذهبهم القول بعدم فرضيتها ، وهذه أيضاً حقيقة مذهب أبي حنيفة رحمه الله ، وأنها عند أصحابه آكد من الظهر . .
أما الحنابلة . فقال في المغني ما نصه : الأصل في فرض الجمعة الكتاب والسنة والإجماع ، وساق الآية { إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَواةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ } ، وقال بعدها : فصل : وتجب الجمعة والسعي إليها سواء كان من يقيمها سنياً أو مبتدعاً أو عدلاً أو فاسقاً ، نص عليه أحمد ، وهذا أعم وأشمل . حتى مع الإمام غير العادل وغير السني . .
فهذه نصوص المذاهب الأربعة في وجوب الجمعة وفرضها على الأعيان . فلم يبق لأحد بعد ذلك أدنى شبهة يلتمسها من أي مذهب ، ولا تتبع شواذه للتهاون بفرض الجمعة لنيابة الظهر عنها . .
ثم اعلم أن في الآية قرينة على هذا الوجوب وأنه لا صارف للأمر عن وجوب السعي إليها ، وذلك أن مع الأمر بالسعي إليها الأمر بترك البيع والنهي عنه ، وإذا كان ترك البيع واجباً من أجلها فما وجب هو من أجله كان وجوبه هو أولى ، قال في المغني : فأمر بالسعي ، ويقتضي الأمر الوجوب ولا يجب السعي إلا إلى الواجب ، ونهي عن البيع لئلا يشغل به عنها ، فلو لم تكن واجبة لما نهي عن البيع من أجلها ، وهو واضح كما ترى والأحاديث في الوعيد لتاركها بدون عذر مشهورة تؤكد هذا الوجوب . .
من ذلك حديث أبي الجعد ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من ترك ثلاث جمع تهاوناً بها طبع الله عليه قلبه ) رواه أبو داود ، وسكت عنه . .
وفي المنتقى ، قال : رواه الخمسة أي ما عدا البخاري ومسلماً ، وفي المنتقى عن أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره : ( لينتهين