@ 172 @ تنصيص مالك على خصوص الجمعة ، وفي مختصر خليل عند المالكية ، ما نصه : ولزمت المكلف الحر الذكر بلا عذر ، قال شارحه الخرشي : لزمت ووجب إثم تاركها وعقوبته ، فهذه أقوال المالكية وحقيقة مذهب مالك رحمه الله . .
أما الشافعية فقال صاحب المهذب ، ما نصه : صلاة الجمعة واجبة لما روى جابر وساق حديثه . وقال النووي في المجموع شرح المهذب : إنما تتعين على كل مكلف حر ذكر مقيم بلا مرض ونحوه . إلى أن قال : أما حكم المسألة فالجمعة فرض عين على كل مكلف غير أصحاب الأعذار ، والنقص المذكور بين هذا هو المذهب ، وهو المنصوص للشافعي في كتبه ، وقطع به الأصحاب في جميع الطرق إلا ما حكاه القاضي أبو الطيب في تعليقه وصاحب الشامل وغيرهما من بعض الأصحاب أنه غلط ، فقال : هي فرض كفاية ، قالوا : وسبب غلطه أن الشافعي قال : من وجبت عليه الجمعة وجبت عليه صلاة العيدين ، وغلط من فهمه . لأن مراد الشافعي من خوطب بالجمعة وجوباً خوطب بالعيدين متأكداً ، واتفق القاضي أبو الطيب وسائر من حكى هذا الوجه على غلط قائله ، قال القاضي أبو إسحاق المروزي : لا يحل أن يحكى هذا عن الشافعي ولا يختلف أن مذهب الشافعي : أن الجمعة فرض عين ، ونقل ابن المنذر في كتابيه كتاب الإجماع والإشراق : إجماع المسلمين على وجوب الجمعة . ا ه من المجموع للنووي ، وهذا الذي حكاه النووي وابن المنذر والمروزي عن الشافعي هو المنصوص عنه في كتاب الأم للشافعي نفسه ، قال مجلد ( 1 ) ص 881 تحت عنوان : إيجاب الجمعة بعد ما ذكر الآية { إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَواةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ } قال : ودلت السنة من فرض الجمعة على ما دل عليه كتاب الله تبارك وتعالى وساق حديث : ( نحن الآخرون السابقون يوم القيامة ، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا ، وأوتيناه من بعدهم ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم يعني الجمعة فاختلفوا فيه ، فهدانا الله له فالناس لنا فيه تبع ) إلى أن قال : والتنزيل ثم السنة يدلان على إيجاب الجمعة ، وقال : ومن كان مقيماً ببلد تجب فيه الجمعة من بالغ حر لا عذر له وجبت عليه الجمعة . فهذه نصوص الشافعي عامة في الوجوب وخاصة في الأعيان ، وهذا بيان كاف لمذهب الشافعي رحمه الله من نص كتابه الأم ا ه . .
الحديث الذي استدل به الشافعي رحمه الله ( نحن الآخرون السابقون ) هو عين الحديث الذي بوب عليه البخاري وجوب الجمعة ، ووجه الاستدلال منه قوله صلى الله عليه وسلم : ( ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم ) ففيه التنصيص على الفرضية .