@ 64 @ خطاب الله تعالى إياها . .
فإذا كانت الجبال أشفقت لمجرد العرض عليها فكيف بها لو أنزل عليها وكلفت به . .
ومنها : أن الله تعالى لما تجلى للجبل جعله دكاً وخر موسى صعقاً . .
والقرآن كلام الله وصفة من صفاته ، فهو شاهد وإن لم يكن نصاً . .
ومنها النص على أن بعض الجبال التي هي الحجارة ليهبط من خشية الله لقوله تعالى : { وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَآءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ } . .
وقد جاء في السنة إثبات ما يشبه ذلك في جبل أُحد ، حينما صعد عليه النَّبي صلى الله عليه وسلم ، وأبو بكر ، وعمر ، وعثمان رضي الله عنهما فارتجف بهم ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( أثبت أحد فإن عليك نبي وصديق شهيدان ) . .
وسواء كان ارتجافه إشفاقاً أو إجلالاً فدل هذا كله على أنه تعالى : وإن لم ينزل القرآن على جبل أنه لو أنزله عليه لرأيته كما قال تعالى : { خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ } . .
وبهذا أيضاً يتضح أن جواب لو في قوله تعالى : { وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ } لكان هذا القرآن أرجح من تقديرهم لكفرتم بالرحمان ، لأن موضوع تسيير الجبال وخشوعها وتصديعها واحد ، وهو الذي قدمه الشيخ رحمة الله تعالى عليه هناك ، والعلم عند الله تعالى . قوله تعالى : { وَتِلْكَ الاٌّ مْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } . الأمثال : جمع مثل ، وهو مأخوذ من المثل ، وأصل المثل الانتصاب ، والممثل بوزن اسم المفعول المصور على مثال غيره . .
قال الراغب الأصفهاني ، يقال : مثل الشيء إذا انتصب وتصور ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : ( من أحب أن يمثل له الرجال فليتبوأ مقعده من النار ) ، والتمثال : الشيء المصور ، وتمثل كذا تصور قال تعالى : { فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً } .