@ 63 @ .
وذكر القرطبي : قال جبير بن مطعم قدمت المدينة لأسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسارى بدر فوافيته يقرأ في صلاة المغرب والطور إلى قوله تعالى : { إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ مَّا لَهُ مِن دَافِعٍ } ، فكأنما صدع قلبي فأسلمت خوفاً من نزول العذاب ، وما كنت أظن أن أقوم من مقامي حتى يقع بي العذاب . وذكر في خبر مالك بن دينار أنه سمعها فجعل يضطرب حتى غشي عليه : .
وقد نقل السيوطي في الإتقان خبر مالك بن دينار بتمامه في فصل إعجاز القرآن . .
وقال : قد مات جماعة عند سماع آيات منه أفردوا بالتصنيف ، وقد ينشأ هنا سؤال كيف يكون هذا تأثير القرآن لو أنزل على الجبال ولم تتأثر به القلوب ، وقد أجاب القرآن عن ذلك في قوله تعالى : { ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِّن بَعْدِ ذالِكَ فَهِىَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً } ، وكذلك أصموا آذانهم عن سماعه وغلفوا قلوبهم بالكفر عن فهمه ، وأوصدوها بأقفالها فقالوا : قلوبنا غلف . وكذلك قوله تعالى : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِأايِاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِىَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِىءَاذَانِهِمْ وَقْراً } أي : بسبب الإعراض وعدم التدبر والنسيان ، ولذا قال تعالى عنهم : { أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ } فهذه أسباب عدم تأثر الكفار بالقرآن كما قال الشاعر : أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ } فهذه أسباب عدم تأثر الكفار بالقرآن كما قال الشاعر : % ( إذا لم يكن للمرء عين صحيحة % فلا غرو أن يرتاب والصبح مسفر { ) % .
ويفهم منه بمفهوم المخالفة أن المؤمنين تخشع قلوبهم وتلين جلودهم ، كما نص تعالى عليه بقوله تعالى : { اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِى بِهِ مَن يَشَآءُ } وقوله تعالى : { لَوْ أَنزَلْنَا } يدل على أنه لم ينزله على جبل ولم يتصدع منه . .
وقد جاء في القرآن ما يدل عليه : لو أنزله ، من ذلك قوله تعالى : { إِنَّا عَرَضْنَا الاٌّ مَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ وَالْجِبَالِ فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا } . .
وهذا نص صريح لأن الجبال أشفقت من حمل الأمانة وهي أمانة التكليف بمقتضى