@ 498 @ لا تحريم إلا ببيان ، وذلك في قوله تعالى : { فَمَن جَآءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّنْ رَّبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ } وقوله : ما سلف أي ما مضى قبل نزول التحريم ، ومن الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى : { وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءَابَاؤُكُمْ مِّنَ النِّسَآءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ } وقوله تعالى { وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الاٍّ خْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ } والأظهر أن الاستثناء فيهما في قوله : { إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ } . منقطع أي لكن ما سلف من ذلك قبل نزول التحريم ، فهو عفو ، لأنه على البراءة الأصلية . .
ومن أصرح الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ } لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما استغفر لعمه أبي طالب بعد موته على الشرك ، واستغفر المسلمون لموتاهم المشركين عاتبهم الله في قوله { مَا كَانَ لِلنَّبِىِّ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِى قُرْبَى } . ندموا على الاستغفار لهم ، فبين الله لهم أن استغفارهم لهم لا مؤاخذة به ، لأنه وقع قبل بيان منعه ، وهذا صريح فيما ذكرنا . .
وقد قدمنا أن الأخذ بالبراءة الأصلية يعذر به في الأصول أيضاً في الكلام على قوله تعالى { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً } وبينا هناك كلام أهل العلم في ذلك ، وأوضحنا ما جاء في ذلك من الآيات القرآنية . والعلم عند الله تعالى . قوله تعالى : { خَلَقَ الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ وَخَلَقَ الْجَآنَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ } . الصلصال : الطين اليابس الذي تسمع له صلصلة ، أي صوت إذا قرع بشيء ، وقيل الصلصال المنتن ، والفخار الطين المطبوخ ، وهذه الآية بين الله فيها طوراً من أطوار التراب الذي خلق منه آدم ، فبين في آيات أنه خلقه من تراب كقوله تعالى { إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ } وقوله تعالى { ياأَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ } وقوله تعالى { وَمِنْ ءَايَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَآ أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ } وقوله تعالى { هُوَ الَّذِى خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ } وقوله تعالى { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ } .