@ 499 @ .
وقد بينا في قوله تعالى { فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ } وقوله { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ } أن المراد بخلقهم منها هو خلق أبيهم آدم منها ، لأنه أصلهم وهم فروعه ، ثم إن الله تعالى عجن هذا التراب بالماء فصار طيناً ، ولذا قال { أَءَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا } وقال { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ } وقال تعالى { وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِن طِينٍ } . وقال { أَم مَّنْ خَلَقْنَآ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لاَّزِبٍ } وقال تعالى : { إِنِّى خَالِقٌ بَشَراً مِّن طِينٍ } ثم خمر هذا الطين فصار حماً مسنوناً ، أي طيناً أسود متغير الريح ، كما قال تعالى { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } . قال تعالى { إِنِّى خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } وقال عن إبليس { قَالَ لَمْ أَكُن لاًّسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } والمسنون قيل المتغير وقيل المصور وقيل الأملس ، ثم يبس هذا الطين فصار صلصالاً . كما قال هنا : { خَلَقَ الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ } وقال { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } . .
فالآيات يصدق بعضها بعضاً ، ويتبين فيها أطوار ذلك التراب كما لا يخفى . .
قوله { و الْجَآنَّ } أي وخلق الجان وهو أبو الجن ، وقيل هو إبليس . وقيل : هو الواحد من الجن . .
وعليه فالألف واللام للجنس ، والمارج : اللهب الذي لا دخان فيه ، وقوله { مِّن نَّارٍ } بيان لمارج . أي من لهب صاف كائن من النار . .
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أنه تعالى خلق الجان من النار ، جاء موضحاً في غير هذا الموضع كقوله تعالى في الحجر { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ } وقوله تعالى { قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } . .
وقد أوضحنا الكلام على هذا في سورة البقرة في الكلام على قوله تعالى { إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ } . قوله تعالى : { رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ } .