@ 419 @ قالوا آمنا ، وأن الله جل وعلا أمر نبيه أن يقول لهم : { لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَاكِن قُولُواْ أَسْلَمْنَا } ، وهذا يدل على نفي الإيمان عنهم وثبوت الإسلام لهم . .
وذلك يستلزم أن الإيمان أخص من الإسلام لأن نفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم . .
وقد قدمنا مراراً أن مسمى الإيمان الشرعي الصحيح ، والإسلام الشرعي الصحيح هو استسلام القلب بالاعتقاد واللسان بالإقرار ، والجوارح بالعمل ، فمؤداهما واحد كما يدل له قوله تعالى : { فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ } . .
وإذا كان ذلك كذلك فإنه يحتاج إلى بيان وجه الفرق بين الإيمان والإسلام في هذه الآية الكريمة ، لأن الله نفى عنهم الإيمان دون الإسلام ، ولذلك وجهان معروفان عند العلماء أظهرهما عندي أن الإيمان المنفى عنهم في هذه الآية هو مسماه الشرعي الصحيح ، والإسلام المثبت لهم فيها هو الإسلام اللغوي الذي هو الاستسلام والانقياد بالجوارح دون القلب . .
وإنما ساغ إطلاق الحقيقة اللغوية هنا على الإسلام مع أن الحقيقة الشرعية مقدمة على اللغوية على الصحيح ، لأن الشرع الكريم جاء باعتبار الظاهر . وأن تواكل كل السرائر إلى الله . .
فانقياد الجوارح في الظاهر بالعمل واللسان بالإقرار يكتفي به شرعاً ، وإن كان القلب منطوياً على الكفر . .
ولهذا ساغ إرادة الحقيقة اللغوية في قوله : { وَلَاكِن قُولُواْ أَسْلَمْنَا } ، لأن انقياد اللسان والجوارح في الظاهر إسلام لغوي مكتفى به شرعاً عن التنقيب عن القلب . .
وكل انقياد واستسلام وإذعان يسمى إسلاماً لغة . ومنه قول زيد بن عمرو بن نفيل العدوي مسلم الجاهلية : وكل انقياد واستسلام وإذعان يسمى إسلاماً لغة . ومنه قول زيد بن عمرو بن نفيل العدوي مسلم الجاهلية : % ( وأسلمت وجهي لمن أسلمت % له الأرض تحمل صخراً ثقالا ) % % ( دحاها فلما استوت شدها % جميعاً وأرسى عليها الجبالا ) % % ( وأسلمت وجهي لمن أسلمت % له المزن تحمل عذباً زلالا ) % % ( إذا هي سقيت إلى بلدة % أطاعت فصبت عليها سجالا ) %