@ 258 @ .
فمرتكبه مخالف لله ولرسوله ولأصحاب رسوله جميعاً وللأئمة رحمهم الله ، كما سترى إيضاحه إن شاء الله تعالى . .
مسائل تتعلق بهذه الآية الكريمة المسألة الأولى : .
اعلم أن قول بعض متأخري الأصوليين : إن تدبر هذا القرآن العظيم ، وتفهمه والعمل به . لا يجوز إلا للمجتهدين خاصة ، وأن كل من لم يبلغ درجة الاجتهاد المطلق بشروطه المقررة عندهم التي لم يستند اشتراط كثير منها إلى دليل من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس جلي ، ولا أثر عن الصحابة ، قول لا مستند له من دليل شرعي أصلاً . .
بل الحق الذي لا شك فيه ، أن كل من له قدرة من المسلمين ، على التعلم والتفهم ، وإدراك معاني الكتاب والسنة ، يجب عليه تعلمهما ، والعمل بما علم منهما . .
أما العمل بهما مع الجهل بما يعمل به منهما فممنوع إجماعاً . .
وأما ما علمه منهما علماً صحيحاً ناشئاً عن تعلم صحيح . فله أن يعمل به . ولو آية واحدة أو حديثاً واحداً . .
ومعلوم أن هذا الذم والإنكار على من يتدبر كتاب الله عام لجميع الناس . .
ومما يوضح ذلك أن المخاطبين الأولين به الذين نزل فيهم هم المنافقون والكفار ، ليس أحد منهم مستكملاً لشروط الاجتهاد المقررة عند أهل الأصول ، بل ليس عندهم شيء منها أصلاً . فلو كان القرآن لا يجوز أن ينتفع بالعمل به ، والاهتداء بهديه إلا المجتهدون بالإصلاح الأصولي لما وبخ الله الكفار وأنكر عليهم عدم الاهتداء بهداه ، ولما أقام عليهم الحجة به حتى يحصلوا شروط الاجتهاد المقررة عند متأخري الأصوليين ، كما ترى . .
ومعلوم أن من المقرر في الأصول أن صورة سبب النزول قطعية الدخول ، وإذاً فدخول الكفار والمنافقين ، في الآيات المذكورة قطعي ، ولو كان لا يصح الانتفاع بهدي القرآن إلا لخصوص المجتهدين لما أنكر الله على الكفار عدم تدبرهم كتاب الله ، وعدم عملهم به . وقد علمت أن الواقع خلاف ذلك قطعاً ، ولا يخفى أن شروط الاجتهاد لا تشترط إل