@ 257 @ .
ومعلوم أن كل من لم يشتغل بتدبر آيات هذا القرآن العظيم أي تصفحها وتفهمها ، وإدراك معانيها والعمل بها ، فإنه معرض عنها ، غير متدبر لها ، فيستحق الإنكار والتوبيخ المذكور في الآيات إن كان الله أعطاه فهماً يقدر به على التدبر ، وقد شكا النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه من هجر قومه هذا القرآن ، كما قال تعالى { وَقَالَ الرَّسُولُ يارَبِّ إِنَّ قَوْمِى اتَّخَذُواْ هَاذَا الْقُرْءاَنَ مَهْجُوراً } . .
وهذه الآيات المذكورة تدل على أن تدبر القرآن وتفهمه وتعلمه والعمل به ، أمر لا بد منه للمسلمين . .
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن المشتغلين بذلك هم خير الناس . كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيح من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) وقال تعالى : { وَلَاكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ } . .
فإعراض كثير من الأقطار عن النظر في كتاب الله وتفهمه والعمل به وبالسنة الثابتة المبينة له . من أعظم المناكر وأشنعها ، وإن ظن فاعلوه أنهم على هدى . .
ولا يخفى على عاقل أن القول بمنع العمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، اكتفاء عنهما بالمذاهب المدونة . وانتفاء الحاجة إلى تعلمهما ، لوجود ما يكفي عنهما من مذاهب الأئمة من أعظم الباطل . .
وهو مخالف لكتاب الله وسنة رسوله وإجماع الصحابة ومخالف لأقوال الأئمة الأربعة .