@ 247 @ .
وما تضمنته هذه الآية الكريمة ، من أن اختلاف الأعمال ، يستلزم اختلاف الثواب ، لا يتوهم استواءهما إلا الكافر الجاهل ، الذي يستوجب الإنكار عليه ، جاء موضحاً في آيات أخر ، كقوله تعالى : { أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } . وقوله تعالى : { أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِى الاٌّ رْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ } . وقوله تعالى : { أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُواْ السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَوَآءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ } . .
قال فيه الزمخشري : فإن قلت : أين ضرب الأمثال ؟ .
قلت : في جعل اتباع الباطل مثلاً لعمل الكفار . .
واتباع الحق مثلاً لعمل المؤمنين . أو في أن جعل الإضلال مثلاً لخيبة الكفار ، وتكفير السيئات مثلاً لفوز المؤمنين . ا ه . منه . .
وأصل ضرب الأمثال يراد منه بيان الشيء بذكر نظيره الذي هو مثل له . قوله تعالى : { فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّواْ الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا } . قوله تعالى : فضرب الرقاب مصدر نائب عن فعله ، وهو بمعنى فعل الأمر ، ومعلوم أن صيغ الأمر في اللغة العربية أربع : .
وهي فعل الأمر كقوله تعالى : { أَقِمِ الصَّلَواةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ } . .
واسم فعل الأمر كقوله تعالى : { عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ } . .
والفعل المضارع المجزوم بلام الأمر كقوله تعالى : { ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ } . .
والمصدر النائب عن فعله كقوله تعالى : { فَضَرْبَ الرِّقَابِ } ، أي فاضربوا رقابهم ، وقوله تعالى : { حَتَّى إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ } أي أوجعتم فيهم قتلاً .