@ 246 @ على قوله تعالى : { الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِى الْحَيَواةِ الدُّنْيَا } ، وفي غير ذلك من المواضع . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ } قد قدمنا إيضاحه في أول سورة الكهف في الكلام على قوله تعالى { وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ } ، وفي سورة النحل في الكلام على قوله تعالى { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ } . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { وَءَامَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ } . .
قال فيه ابن كثير : هو عطف خاص على عام ، وهو دليل على أنه شرط في صحة الإيمان ، بعد بعثته صلى الله عليه وسلم . ا ه منه . .
ويدل لذلك قوله تعالى : { وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الاٌّ حْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِى مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَاكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ } . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة { وَهُوَ الْحَقُّ } جملة اعتراضية تتضمن شهادة الله بأن هذا القرآن المنزل على هذا النبي الكريم ، صلى الله عليه وسلم هو الحق من الله ، كما قال تعالى : { وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ } ، قال تعالى : { وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ } . وقال تعالى : { قُلْ ياأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَآءَكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنُ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِى لِنَفْسِهِ } وقال تعالى : { ياأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَآءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ } ، والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة . .
وقوله تعالى : { ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ اتَّبَعُواْ الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّبَعُواْ الْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ } أي ذلك المذكور من إضلال أعمال الكفار أي إبطالها واضمحلالها ، وبقاء ثواب أعمال المؤمنين ، وتكفير سيئاتهم وإصلاح حالهم ، كله واقع بسبب أن الكفار اتبعوا الباطل ، ومن اتبع الباطل فعمله باطل . .
والزائل المضمحل تسميه العرب باطلاً وضده الحق . .
وبسبب أن الذين آمنوا اتبعوا الحق ، ومتبع الحق أعماله حق ، فهي ثابتة باقية ، لا زائلة مضمحلة .