@ 245 @ { وَقَدِمْنَآ إِلَى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً } ، وهذا هو الصواب في معنى الآية . .
وقيل : أضل أعمالهم أي أبطل كيدهم ، الذي أرادوا أن يكيدوا به النبي صلى الله عليه وسلم . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَءَامَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ } أي غفر لهم ذنوبهم وتجاوز لهم عن أعمالهم السيئة { وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ } أي أصلح لهم شأنهم وحالهم إصلاحاً لا فساد معه ، وما ذكره جل وعلا هنا في أول هذه السورة الكريمة ، من أن يبطل أعمال الكافرين ، ويبقي أعمال المؤمنين جاء موضحاً في آيات كثيرة كقوله تعالى : { مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَواةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ أُوْلَائِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِى الاٌّ خِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } . وقوله تعالى : { مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الاٌّ خِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِى حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِى الاٌّ خِرَةِ مِن نَّصِيبٍ } وقوله تعالى : { وَقَدِمْنَآ إِلَى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً } . .
وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا مع بعض الأحاديث الصحيحة فيه ، مع زيادة إيضاح مهمة في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى : { وَمَنْ أَرَادَ الاٌّ خِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَائِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا } . وفي سورة النحل في الكلام على قوله تعالى : { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ } ، وذكرنا طرفاً منه في سورة الأحقاف في الكلام على قوله تعالى : { أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِى حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا } . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ } أصله من الضلال بمعنى الغيبة ، والاضمحلال . لا من الضالة كما زعمه الزمخشري فهو كقوله : { وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } . .
وقد قدمنا معاني الضلال في القرآن واللغة ، في سورة الشعراء في الكلام على قوله : { قَالَ فَعَلْتُهَآ إِذاً وَأَنَاْ مِنَ الضَّآلِّينَ } ، وفي آخر الكهف في الكلام