@ 230 @ والعافية ، ونحو ذلك ولا نصيب له في الآخرة . .
فمن الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى : { مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَواةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ أُوْلَائِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِى الاٌّ خِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } وقوله تعالى : { وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِى الاٌّ خِرَةِ مِن نَّصِيبٍ } . .
وقد قيد تعالى هذا الثواب الدنيوي المذكور في الآيات بمشيئته وإرادته ، في قوله تعالى : { مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا } . .
وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله لا يظلم مؤمناً حسنة يعطي بها في الدنيا ويجزي بها في الآخرة ، وأما الكافر فيطعم بحسناته ما عمل بها لله في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يجزي بها ) هذا لفظ مسلم في صحيحه . .
وفي لفظ له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الكافر إذا عمل حسنة أطعم بها طعمة في الدنيا ، وأما المؤمن فإن الله يدخر له حسناته في الآخرة ويعقبه رزقاً في الدنيا على طاعته ) ا ه . .
فهذا الحديث الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه التصريح ، بأن الكافر ببخارى بحسناته في الدنيا فقط ، وأن المؤمن يجازى بحسناته في الدنيا والآخرة معاً ، وبمقتضى ذلك . يتعين تعييناً لا محيص عنه ، أن الذي أذهب طيباته في الدنيا واستمتع بها هو الكافر ، لأنه لا يجزي بحسناته إلا في الدنيا خاصة . .
وأما المؤمن الذي يجزي بحسناته في الدنيا والآخرة معاً ، فلم يذهب طيباته في الدنيا ، لأن حسناته مدخرة له في الآخرة ، مع أن الله تعالى يثيبه بها في الدنيا كما قال تعالى : { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ } فجعل المخرج من الضيق له ورزقه من حيث لا يحتسب ثوباً في الدنيا وليس ينقص أجر تقواه في الآخرة . .
والآيات بمثل هذا كثيرة معلومة ، وعلى كل حال فالله جل وعلا أباح لعباده على