@ 231 @ لسان نبيه صلى الله عليه وسلم الطيبات في الحياة الدنيا ، وأجاز لهم التمتع بها ، ومع ذلك جعلها خاصة بهم في الآخرة ، كما قال تعالى : { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِى أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِى لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِى الْحَيَواةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ } . .
فدل هذا النص القرآني أن تمتع المؤمنين بالزينة والطيبات من الرزق في الحياة الدنيا لم يمنعهم من اختصاصهم بالتنعم بذلك يوم القيامة ، وهو صريح في أنهم لم يذهبوا طيباتهم في حياتهم الدنيا . .
ولا ينافي هذا أن من كان يعاني شدة الفقر في الدنيا كأصحاب الصفة ، يكون لهم أجر زائد على ذلك ، لأن المؤمنين يؤجرون ، بما يصيبهم في الدنيا من المصائب والشدائد ، كما هو معلوم . .
والنصوص الدالة على أن الكافر هو الذي يذهب طيباته في الحياة الدنيا ، لأنه يجزي في الدنيا فقط كالآيات المذكورة ، وحديث أنس المذكور عند مسلم ، قد قدمناها موضحة في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى : { وَمَنْ أَرَادَ الاٌّ خِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَائِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا } وذكرنا هناك أسانيد الحديث المذكور وألفاظه . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ } أي عذاب الهوان وهو الذل والصغار . .
وقوله تعالى : { بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِى الاٌّ رْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ } ، الباء في قوله : بما كنتم سببية ، وما مصدرية أي تجزون عذاب الهون بسبب كونكم مستكبرين في الأرض ، وكونكم فاسقين . .
وما دلت عليه هذه الآية الكريمة من كون الاستكبار في الأرض والفسق من أسباب عذاب الهون ، وهو عذاب النار ، جاء موضحاً في غير هذا الموضع كقوله تعالى : { أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ } وقوله تعالى : { وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُواْ فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ } . .
وقد قدمنا النتائج الوخيمة الناشئة عن التكبر في سورة الأعراف في الكلام على قوله تعالى : { فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا } .