@ 229 @ عليه ، لأنه خلاف الظاهر ، ولا دليل عليه يجب الرجوع إليه . .
وظاهر الآية جار على الأسلوب العربي الفصيح ، كما أوضحه أبو حيان في البحر المحيط . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة { أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِى حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا } قرأه ابن كثير وابن عامر { أأذهبتم } بهمزتين وهما على أصولهما في ذلك . .
فابن كثير يسهل الثانية بدون ألف إدخال بين الهمزتين . .
وهشام يحققها ويسهلها مع ألف الإدخال . وابن ذكوان يحققها من غير إدخال . .
وقرأه نافع وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي : { أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ } بهمزة واحدة على الخبر من غير استفهام . .
واعلم أن للعلماء كلاماً كثيراً في هذه الآية قائلين إنها تدل على أنه ينبغي التقشف والإقلال من التمتع بالمآكل والمشارب والملابس ونحو ذلك . .
وأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يفعل ذلك خوفاً منه ، أن يدخل في عموم من يقال لهم يوم القيامة : { أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِى حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا } . والمفسرون يذكرون هنا آثاراً كثيرة في ذلك ، وأحوال أهل الصفة وما لاقوه من شدة العيش . .
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له : .
التحقيق : إن شاء الله في معنى هذه الآية هو أنها في الكفار وليست في المؤمنين الذين يتمتعون باللذات التي أباحها الله لهم ، لأنه تعالى ما أباحها لهم ليذهب بها حسناتهم . .
وإنما قلنا : إن هذا هو التحقيق ، لأن الكتاب والسنة الصحيحة دالان عليه والله تعالى يقول : { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِى شَىْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ } . .
أما كون الآية في الكفار فقد صرح الله تعالى به في قوله : { وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ } . .
والقرآن والسنة الصحيحة ، قد دلا على أن الكافر إن عمل عملاً صالحاً مطابقاً للشرع ، مخلصاً فيه لله ، كالكافر الذي يبر والديه ، ويصل الرحم ويقري الضيف ، وينفس عن المكروب ، ويعين المظلوم يبتغي بذلك وجه الله يثاب بعمله في دار الدنيا خاصة بالرزق