@ 24 @ .
وقوله تعالى : { بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } كالتوكيد في المعنى لقوله { فَاسْتَحَبُّواْ الْعَمَى عَلَى الْهُدَى } لأن كلا منهما سبب لأخذ الصاعقة إياهم ، فالفاء في قوله : فأخذتهم سببية ، والباء في قوله بما كانوا سببية ، والعلم عند الله تعالى . قوله تعالى : { وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَكَانُواْ يتَّقُونَ } . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة ، أنه أهلك ثمود بالصاعقة ، ونجى من ذلك إهلاك الذين آمنوا وكانوا يتقون الله ، والمراد بهم صالح ومن آمن معه من قومه . .
وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة ، جاء مبيناً في غير هذا الموضع ، كقوله تعالى في سورة هود { فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْىِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِىُّ الْعَزِيزُ وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ } ، وقوله تعالى في النمل : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَآ إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ } إلى قوله تعالى في ثمود { فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُواْ إِنَّ فِى ذالِكَ لاّيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } أي وهم صالح ومن آمن معه . قوله تعالى : { وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَآءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ } . قرأ هذا الحرف عامة القراء غير نافع ( يحشر ) بضم الياء وفتح الشين مبنياً للمفعول ( أعداء الله ) بالرفع على أنه نائب الفاعل . .
وقرأه نافع وحمزة ، من السبعة ( نحشر أعداء الله ) بالنون المفتوحة الدالة على العظمة ، وضم الشين مبنياً للفاعل ، ( أعداء الله ) بالنصب على أنه مفعول به ، أي واذكر { وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَآءُ اللَّهِ } أي يجمعون إلى النار . .
وما دلت عليه هذه الآية ، من أن لله أعداء ، وأنهم يحشرون يوم القيامة إلى النار . جاء مذكوراً في آيات أخر . .
فبين في بعضها أن له أعداء وأن أعداءه هم أعداء المؤمنين وأن جزاءهم النار كقوله تعالى { مَن كَانَ عَدُوًّا لّلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ } وقوله تعالى : { وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ } وقوله تعالى { ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّى وَعَدُوَّكُمْ } .