@ 23 @ .
واعلم أن التحقيق ، أن المراد بالطاغية في قوله تعالى : { فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بِالطَّاغِيَةِ } أنها الصيحة التي أهلكهم الله بها ، كما يوضحه قوله بعده : { وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ } . .
خلافاً لمن زعم أن الطاغية ، مصدر كالعاقبة ، والعافية ، وأن المعنى أنهم أهلكوا بطغيانهم ، أي بكفرهم ، وتكذيبهم نبيهم ، كقوله : { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ } . .
وخلافاً لمن زعم أن الطاغية هي أشقاهم ، الذي انبعث فعقر الناقة ، وأنهم أهلكوا بسبب فعله وهو عقره الناقة ، وكل هذا خلاف التحقيق . .
والصواب إن شاء الله هو ما ذكرنا ، والسياق يدل عليه واختاره غير واحد . .
وأما قوله تعالى : { فَدَمْدمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ } فإنه لا يخالف ما ذكرنا ، لأن معنى دمدم عليهم ربهم بذنبهم ، أي أطلق عليهم العذاب وألبسهم إياه ، بسبب ذنبهم . .
قال الزمخشري في معنى دمدم : وهو من تكرير قولهم ناقة مدمومة ، إذا ألبسها الشحم . .
وأما إطلاق العذاب عليه في سورة الشعراء فواضح ، فاتضح رجوع معنى الآيات المذكورة إلى شيء واحد . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة { صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ } من النعت بالمصدر ، لأن الهون مصدر بمعنى الهوان ، والنعت بالمصدر أسلوب عربي معروف ، أشار إليه في الخلاصة بقوله : لأن الهون مصدر بمعنى الهوان ، والنعت بالمصدر أسلوب عربي معروف ، أشار إليه في الخلاصة بقوله : % ( ونعتوا بمصدر كثيرا % فالتزموا الإفراد والتذكيرا ) % .
وهو موجه بأحد أمرين : .
أحدهما : أن يكون على حذف مضاف . أي العذاب ذي الهون . .
والثاني : أنه على سبيل المبالغة ، فكأن العذاب لشدة اتصافه بالهوان اللاحق بمن وقع عليه ، صار كأنه نفس الهوان ، كما هو معروف في محله .