@ 9 @ .
قال صاحب الكشاف في تفسير قوله تعالى : { وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ } . .
فإن قلت : هل لزيادة : من في قوله : ومن بيننا وبينك حجاب فائدة ؟ قلت : نعم . .
لأنه لو قيل : وبيننا وبينك حجاب ، لكان المعنى أن حجاباً حاصل وسط الجهتين . .
وأما بزيادة ( مِنْ ) فالمعنى : أن حجاباً ابتدأ منا وابتدأ منك . فالمسافة المتوسطة لجهتنا ، وجهتك مستوعبة بالحجاب ، لا فراغ فيها . انتهى منه . .
واستحسن كلامه هذا الفخر الرازي وتعقبه ابن المنير على الزمخشري ، فأوضح سقوطه والحق معه في تعقبه عليه . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ } ، وقد قدمنا تفسيره وإيضاحه بالآيات القرآنية ، في سورة بني إسرائيل ، في الكلام على قوله تعالى : { وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرءَانَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاٌّ خِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا } . قوله تعالى : { قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَىَّ أَنَّمَآ إِلَاهُكُمْ إِلَاهٌ وَاحِدٌ } . أمر الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة ، نبيه صلى الله عليه وسلم ، أن يقول للناس : { إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَىَّ أَنَّمَآ إِلَاهُكُمْ إِلَاهٌ وَاحِدٌ } . .
والقصر في قوله : { إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ } إضافي أي لا أقول لكم إني ملك ، وإنما أنا رجل من البشر . .
وقوله : { مِّثْلُكُمْ } في الصفات البشرية ، ولكن الله فضلني بما أوحى إليَّ من توحيده . .
كما قال تعالى عن الرسل في سورة إبراهيم : { قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَاكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ } أي كان منَّ علينا بالوحي والرسالة . .
وما ذكره الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة ذكره في آخر سورة الكهف في قوله تعالى : { قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَىَّ أَنَّمَآ إِلَاهُكُمْ إِلَاهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَآءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً } .