@ 10 @ .
وقد أوضحنا وجه حصر ما أوحي إليه صلى الله عليه وسلم ، في مضمون لا إله إلا الله ، في قوله تعالى { قُلْ إِنَّمَآ يُوحَى إِلَىَّ أَنَّمَآ إِلَاهُكُمْ إِلَاهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ } في سورة بني إسرائيل ، في الكلام على قوله تعالى { إِنَّ هَاذَا الْقُرْءَانَ يِهْدِى لِلَّتِى هِىَ أَقْوَمُ } . .
وبينا في مواضع متعددة من هذا الكتاب المبارك إنكار المشركين كون الرسل من البشر ، وأنهم ينبغي أن يكونوا من الملائكة ، وما رد الله عليهم به ذلك من الآيات القرآنية ، أوضحنا ذلك في سورة ص ، في الكلام على قوله تعالى : { وَعَجِبُواْ أَن جَآءَهُم مٌّ نذِرٌ مِّنْهُمْ } وفي سورة بني إسرائيل ، في الكلام على قوله تعالى : { وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ } إلى قوله : { لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَآءِ مَلَكًا رَّسُولاً } . قوله تعالى : { وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ الزَّكَواةَ وَهُمْ بِالاٌّ خِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ } . قد استدل بعض علماء الأصول بهذه الآية الكريمة ، على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة ، لأنه تعالى صرح في هذه الآية الكريمة ، بأنهم مشركون ، وأنهم كافرون بالآخرة ، وقد توعدهم بالويل على شركهم وكفرهم بالآخرة ، وعدم إيتائهم الزكاة ، سواء قلنا إن الزكاة في الآية هي زكاة المال المعروفة ، أو زكاة الأبدان بفعل الطاعات واجتناب المعاصي . .
ورجح بعضهم القول الأخير لأن سورة فصلت هذه ، من القرآن النازل بمكة قبل الهجرة ، وزكاة المال المعروفة إنما فرضت بعد الهجرة سنة اثنتين ، كما قدمناه في سورة الأنعام ، في الكلام على قوله تعالى : { وَءَاتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } . .
وعلى كل حال ، فالآية تدل على خطاب الكفار بفروع الإسلام . .
أعني امتثال أوامره واجتناب نواهيه ، وما دلت عليه هذه الآية الكريمة ، من كونهم مخاطبين بذلك وأنهم يعذبون على الكفر ، وَيعذبون على المعاصي ، جاء موضحاً في آيات أخر كقوله تعالى عنهم مقرراً له : { مَا سَلَكَكُمْ فِى سَقَرَ قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الُخَآئِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ } .