@ 381 @ .
وقد قدمنا هذا في أول سورة النحل في الكلام على قوله تعالى { أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ } . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة { إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ } الظاهر فيه ، أن إذ ، بدل من يوم ، وعليه فهو من قبيل المفعول به ، لا المفعول فيه ، كما بينا آنفاً . .
والقلوب : جمع قلب وهو معروف . .
ولدى : ظرف بمعنى عند . .
والحناجر : جمع حنجرة وهي معروفة . .
ومعنى كون القلوب لدى الحناجر ، في ذلك الوقت فيه لعلماء التفسير وجهان معروفان . .
أحدهما : ما قاله قتادة وغيره ، من أن قلوبهم يومئذ ، ترتفع من أماكنها في الصدور ، حتى تلتصق بالحلوق ، فتكون لدى الحناجر ، فلا هي تخرج من أفواههم فيموتوا ، ولا هي ترجع إلى أماكنها في الصدور فيتنفسوا . وهذا القول هو ظاهر القرآن . .
والوجه الثاني : هو أن المراد بكون القلوب ، لدى الجناجر ، بيان شدة الهول ، وفظاعة الأمر ، وعليه فالآية كقوله تعالى : { وَإِذْ زَاغَتِ الاٌّ بْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَاْ هُنَالِكَ ابْتُلِىَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُواْ زِلْزَالاً شَدِيداً } وهو زلزال خوف وفزع لا زلزال حركة الأرض . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { كَاظِمِينَ } معناه مكروبين ممتلئين خوفاً وغماً وحزناً . .
والكظم : تردد الخوف والغيظ والحزن في القلب حتى يمتلىء منه ، ويضيق به . .
والعرب تقول : كظمت السقاء إذا ملأته ماء ، وشددته عليه . .
وقول بعضهم كاظمين ، أي ساكتين ، لا ينافي ما ذكرنا ، لأن الخوف والغم الذي ملأ قلوبهم يمنعهم من الكلام ، فلا يقدرون عليه ، ومن إطلاق الكظم على السكوت