@ 380 @ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ } ، وذكرنا طرفاً من ذلك ، في أول سورة سبأ ، في الكلام على قوله تعالى { عَالِمِ الْغَيْبِ لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِى السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِى الاٌّ رْضِ } . قوله تعالى : { وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الاٌّ زِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ } . الإنذار ، والإعلام المقترن بتهديد خاصة ، فكل إنذار إعلام ، وليس كل إعلام إنذاراً . .
وقد أوضحنا معنى الإنذار وأنواعه في أول سورة الأعراف في الكلام على قوله تعالى { كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِى صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ } . .
والظاهر أن قوله هنا { يَوْمَ الاٌّ زِفَةِ } هو المفعول الثاني للإنذار لا ظرف له لأن الإنذار والتخويف من يوم القيامة ، واقع في دار الدنيا . والآزفة القيامة . أي أنذرهم يوم القيامة ، بمعنى خوفهم إياه وهددهم بما فيه من الأهوال العظام ليستعدوا لذلك في الدنيا بالإيمان والطاعة . .
وإنما عبر عن القيامة بالآزفة لأجل أزوفها أي قربها ، والعرب تقول : أزف الترحل بكسر الزاي ، يأزف بفتحها ، أزفا بفتحتين ، على القياس ، وأزوفا فهو آزف ، على غير قياس ، في المصدر الأخير ، والوصف بمعنى قرب وقته وحان وقوعه ، ومنه قول نابغة ذبيان : ومنه قول نابغة ذبيان : % ( أزف الترحل غير أن ركابنا % لما تزل برحالنا وكأن قد ) % .
ويروى أفد الترحل ، ومعناهما واحد . .
والمعنى { وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الاٌّ زِفَةِ } أي يوم القيامة القريب مجيؤها ووقوعها . .
وما تضمنته هذه الآية الكريمة ، من اقتراب قيام الساعة ، جاء موضحاً في آيات أخر كقوله تعالى { أَزِفَتِ الاٌّ زِفَةُ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ } وقوله تعالى { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ } . وقوله تعالى { اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ } . وقوله تعالى في الأحزاب : { وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً } وقوله تعالى في الشورى { وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ } .