@ 382 @ قول العجاج : وقول بعضهم كاظمين ، أي ساكتين ، لا ينافي ما ذكرنا ، لأن الخوف والغم الذي ملأ قلوبهم يمنعهم من الكلام ، فلا يقدرون عليه ، ومن إطلاق الكظم على السكوت قول العجاج : % ( وربّ أسراب حجيج كظَّم % عن اللَّغا ورمَثِ التكلُّمِ ) % .
ويرجع إلى هذا القول معنى قول من قال : كاظمين أي لا يتكلمون إلا من أذن له الله ، وقال الصواب ، كما قال تعالى : { لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَانُ وَقَالَ صَوَاباً } . .
وقوله : { كَاظِمِينَ } حال من أصحاب القلوب على المعنى . والتقدير إذ القلوب لدى الحناجر أي إذ قلوبهم لدى حناجرهم في حال كونهم كاظمين ، أي ممتلئين خوفاً وغماً وحزناً ، ولا يبعد أن يكون حالاً من نفس القلوب ، لأنها وصفت بالكظم الذي هو صفة أصحابها . .
ونظير ذلك في القرآن : { إِنِّى رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِى سَاجِدِينَ } فإنه أطلق في هذه الآية الكريمة ، على الكواكب والشمس والقمر صفة العقلاء في قوله تعالى : { رَأَيْتُهُمْ لِى سَاجِدِينَ } ، والمسوغ لذلك وصفه الكواكب والشمس والقمر بصفة العقلاء التي هي السجود . .
ونظير ذلك أيضاً قوله تعالى { إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ السَّمَآءِ ءَايَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ } وقوله تعالى : { قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ } . قوله تعالى : { مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ } . قد قدمنا الكلام عليه في سورة البقرة وسورة الأعراف ، وأحلنا عليه مراراً . قوله تعالى : { يَعْلَمُ خَآئِنَةَ الاٌّ عْيُنِ وَمَا تُخْفِى الصُّدُورُ } . قد قدمنا الكلام على ما يماثله من الآيات في أول سورة هود ، وفي غيرها وأحلنا عليه أيضاً مراراً . قوله تعالى : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِأايَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ * إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَشرُونَ فَقَالُواْ سَاحِرٌ كَذَّابٌ } . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة ، أنه أرسل نبيه موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ، بآياته وحججه الواضحة كالعصا واليد البيضاء إلى فرعون وهامان وقارون