@ 329 @ فاتضح بذلك أن المعنى ق والقرآن المجيد ، إن المنذر الكائن منكم الذي عجبتم من مجيئه لكم منذراً رسول منذر لكم من الله حقاً ، وإن البعث الذي أنكرتموه واستبعدتموه غاية الإنكار ، والاستبعاد ، في قوله تعالى عنكم { أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعُ بَعِيدٌ } أي ذلك الرجع الذي هو البعث . .
رجع بعيد في زعمكم واقع لا محالة وإنه حق لا شك فيه ، كما أشار له في قوله تعالى : { قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الاٌّ رْضَ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ } إذ المعنى أن ما أكلته الأرض ، من لحومهم ، ومزقته من أجسامهم ، وعظامهم ، يعلمه جل وعلا ، لا يخفى عليه منه شيء فهو قادر على رده كما كان . .
وإحياء تلك الأجساد البالية ، والشعور المتمزقة ، والعظام النخرة كما قدمنا موضحاً بالآيات القرآنية ، في سورة يس في الكلام على قوله تعالى { وَنُفِخَ فِى الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الاٌّ جْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ } وَكونه صلى الله عليه وسلم مرسل من الله حقاً ، يستلزم استلزاماً لا شك فيه ، أن القرآن العظيم منزل من الله حقاً وأنه ليس بسحر ولا شعر ولا كهانة ولا أساطير الأولين . .
ولذلك أقسم تعالى ، في مواضع كثيرة ، على أن القرآن أيضاً منزل من الله كقوله تعالى في أول سورة الدخان { حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ } ، وقوله تعالى في أول سورة الزخرف { حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْءَاناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَإِنَّهُ فِى أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِىٌّ حَكِيمٌ } . قوله تعالى : { بَلِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِى عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ } . قد قدمنا الكلام قريباً على الإضراب ببل في هذه الآية . .
وقوله تعالى هنا في عزة أي حمية واستكبار عند قبول الحق ، وقد بين جل وعلا في سورة البقرة أن من أسباب أخذ العزة المذكورة بالإثم للكفار أمرهم بتقوى الله ، وبين أن تلك العزة التي هي الحمية والاستكبار عن قبول الحق من أسباب دخولهم جهنم ، وذلك في قوله عن بعض الكفار الذين يظهرون غير ما يبطنون { وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ } . .
والظاهر أن وجه إطلاق العزة على الحمية والاستكبار : أن من اتصف بذلك كأنه