@ 330 @ ينزل نفسه منزلة الغالب ، القاهر ، وإن كان الأمر ليس كذلك ، لأن أصل العزة في لغة العرب الغلبة والقهر ، ومنه قوله تعالى : { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } ، والعرب يقولون : من عز بز ، يعنون من غلب استلب ، ومنه قول الخنساء : وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } ، والعرب يقولون : من عز بز ، يعنون من غلب استلب ، ومنه قول الخنساء : % ( كأن لم يكونوا حمى يحتشى % إذ الناس إذ ذاك من عز بزا ) % .
وقوله تعالى عن الخصم الذين تسوروا على داود : وعزني في الخطاب أي غلبني ، وقهرني في الخصومة . .
والدليل من القرآن على أن العزة التي أثبتها الله للكفار في قوله : { بَلِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِى عِزَّةٍ } . وقوله : { أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ } ، ليست هي العزة التي يراد بها القهر والغلبة بالفعل ، أن الله خص بهذه العزة المؤمنين دون الكافرين والمنافقين ، وذلك في قوله تعالى : { يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الاٌّ عَزُّ مِنْهَا الاٌّ ذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } . .
ولذلك فسرها علماء التفسير ، بأنها هي الحمية والاستكبار ، عن قبول الحق . .
والشقاق : هي المخالفة ، والمعاندة كما قال تعالى : { وَّإِنْ تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِى شِقَاقٍ } . قال بعض العلماء : وأصله من الشق الذي هو الجانب ، لأن المخالف المعاند ، يكون في الشق أي في الجانب الذي ليس فيه من هو مخالف له ومعاند . .
وقال بعض أهل العلم : أصل الشقاق من المشقة لأن المخالف المعاند يجتهد في إيصال المشقة إلى من هو مخالف معاند . .
وقال بعضهم : أصل الشقاق من شق العصا وهو الخلاف والتفرق . قوله تعالى : { كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ فَنَادَواْ وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ } . كم هنا هي الخبرية ، ومعناها الإخبار عن عدد كثير ، وهي في محل نصب ، على أنها مفعول به لأهلكنا وصيغة الجمع في أهلكنا للتعظيم ، ومن في قوله : من قرن ، مميزة لكم ، والقرن يطلق على الأمة وعلى بعض من الزمن ، أشهر الأقوال فيه أنه مائة سنة ، والمعنى أهلكنا كثيراً من الأمم السالفة من أجل الكفر ، وتكذيب الرسل