@ 328 @ .
وقولهم { هَاذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ } إنما ذكره تعالى إنكاراً عليهم وتكذيباً لهم . فعرف بذلك أن في ضمن المعنى والقرآن ذي الذكر إنك مرسل حقاً ولو عجبوا من مجيئك منذراً لهم ، وزعموا أنك ساحر كذاب ، أي فهم الذين عجبوا من الحق الذي لا شك فيه ، وزعموا أن خاتم الرسل ، وأكرمهم على الله ، ساحر كذاب . .
وأما كون الإلاه المعبود واحداً لا شريك له ، ففي قوله هنا : { أَجَعَلَ الاٌّ لِهَةَ إِلَاهاً وَاحِداً إِنَّ هَاذَا لَشَىْءٌ عُجَابٌ } ، لأن الهمزة في قوله : أجعل للإنكار المشتمل على معنى النفي ، فهي تدل على نفي سبب تعجبهم من قوله صلى الله عليه وسلم : إن الإلاه المعبود واحد . .
وهذان الأمران قد دلت آيات أخر من القرآن العظيم ، على أن الله أقسم على تكذيبهم فيها وإثباتها بالقسم صريحاً كقوله تعالى مقسماً على أن الرسول مرسل حقاً { يس * وَالْقُرْءَانِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ } فهي توضح معنى ص والقرآن ذي الذكر إنك لمن المرسلين . .
وقد جاء تأكيد صحة تلك الرسالة في آيات كثيرة كقوله تعالى { تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ } ، وأما كونه تعالى هو المعبود الحق لا شريك له ، فقد أقسم تعالى عليه في غير هذا الموضع ، كقوله تعالى { وَالصَّافَّاتِ صَفَّا * فَالزَاجِرَاتِ زَجْراً * فَالتَّالِيَاتِ ذِكْراً * إِنَّ إِلَاهَكُمْ لَوَاحِدٌ } ونحو ذلك من الآيات فدل ذلك على أن المعنى تضمن ما ذكر أي والقرآن ذي الذكر ، إن إلاهكم لواحد كما أشار إليه بقوله { أَجَعَلَ الاٌّ لِهَةَ } . .
وأما كون البعث حقاً ، فقد أقسم عليه إقساماً صحيحاً صريحاً ، في آيات من كتاب الله ، كقوله تعالى : { قُلْ بَلَى وَرَبِّى لَتُبْعَثُنَّ } . وقوله تعالى : { قُلْ بَلَى وَرَبِّى لَتَأْتِيَنَّكُمْ } أي الساعة . وقوله : { قُلْ إِى وَرَبِّى إِنَّهُ لَحَقٌّ } . .
وأقسم على اثنين من الثلاثة المذكورة وحذف المقسم عليه الذي هو الاثنان المذكوران ، وهي كون الرسول مرسلاً ، والبعث حقاً ، وأشار إلى ذلك إشارة واضحة ، وذلك في قوله تعالى { ق وَالْقُرْءَانِ الْمَجِيدِ * بَلْ عَجِبُواْ أَن جَآءَهُمْ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَاذَا شَىْءٌ عَجِيبٌ * أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعُ بَعِيدٌ }