@ 327 @ في الكشاف ، التقدير { وَالْقُرْءَانِ ذِى الذِّكْرِ } . إنه لمعجز ، وقدره ابن عطية وغيره فقال : { وَالْقُرْءَانِ ذِى الذِّكْرِ } ما الأَمر كما يقوله الكفار ، إلى غير ذلك من الأقوال . .
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له : الذي يظهر صوابه بدليل استقراء القرآن : أن جواب القسم محذوف وأن تقديره { وَالْقُرْءَانِ ذِى الذِّكْرِ } ما الأمر كما يقوله الكفار ، وأن قولهم المقسم على نفيه شامل لثلاثة أشياء متلازمة . .
الأول : منها أن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل من الله حقاً وأن الأمر ليس كما يقال الكفار في قوله تعالى عنهم : { وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً } . .
والثاني : أن الإلاه المعبود جل وعلا واحد ، وأن الأمر ليس كما يقوله الكفار في قوله تعالى عنهم : { أَجَعَلَ الاٌّ لِهَةَ إِلَاهاً وَاحِداً إِنَّ هَاذَا لَشَىْءٌ عُجَابٌ } . .
والثالث : أن الله جل وعلا يبعث من يموت ، وأن الأمر ليس كما يقوله الكفار في قوله تعالى عنهم : { وَأَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللَّهُ مَن يَمُوتُ } وقوله : { زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَن لَّن يُبْعَثُواْ } وقوله تعالى : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَأْتِينَا السَّاعَةُ } . .
أما الدليل من القرآن على أن المقسم عليه محذوف فهو قوله تعالى : { بَلِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِى عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ } ، لأن الإضراب بقوله بل ، دليل واضح على المقسم عليه المحذوف . أي ما الأمر كما يقوله الذين كفروا ، بل الذين كفروا في عزة ، أي في حمية وأنفة واستكبار عن الحق ، وشقاق ، أي مخالفة ومعاندة . .
وأما دلالة استقراء القرآن على أن المنفي المحذوف شامل للأمور الثلاثة المذكورة ، فلدلالة آيات كثيرة : أما صحة رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكون الإلاه المعبود واحداً لا شريك له فقد أشار لهما هنا . .
أما كون الرسول مرسلاً حقاً ففي قوله تعالى هنا : { وَعَجِبُواْ أَن جَآءَهُم مٌّ نذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَاذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ } يعني أي لا وجه للعجب المذكور . لأن يجيء المنذر الكائن منهم . .
لا شك في أنه بإرسال من الله حقاً .