@ 269 @ . أمر اللَّه جلَّ وعلا نبيّه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة أن يقول للكفار : إنهم وإيّاهم ليس أحد منهم مسؤولاً عمّا يعمله الآخر ، بل كل منهم مؤاخذ بعمله ، والآخر بريء منه . .
وأوضح هذا المعنى في غير هذا الموضع ؛ كقوله تعالى : { وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لّى عَمَلِى وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِىء مّمَّا تَعْمَلُونَ } ، وقوله تعالى : { قُلْ ياأَهْلَ أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ } ، إلى قوله : { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِىَ دِينِ } ، وفي معنى ذلك في الجملة قوله تعالى : { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُم وَلاَ تُسْئَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } ؛ وكقوله تعالى عن نبيّه هود عليه وعلى نبيّنا الصّلاة والسّلام : { قَالَ إِنِى أُشْهِدُ اللَّهِ وَاشْهَدُواْ أَنّى بَرِىء مّمَّا تُشْرِكُونَ * مِن دُونِهِ فَكِيدُونِى جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ } . { قُلْ أَرُونِىَ الَّذيِنَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَآءَ كَلاَّ بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحْكِيمُ } . أمر اللَّه جلَّ وعلا نبيّه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة أن يقول لعبدة الأوثان : أروني أوثانكم التي ألحقتموها باللَّه شركاء له في عبادته كفرًا منكم ، وشركاء وافتراء ، وقوله : { أَرُونِىَ الَّذيِنَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاء } ، لأنهم إن أروه إيّاها تبيّن برؤيتها أنها جماد لا ينفع ولا يضرّ ، واتّضح بعدها عن صفات الألوهيّة ، فظهر لكل عاقل برؤيتها بطلان عبادة ما لا ينفع ولا يضرّ ، فإحضارها والكلام فيها ، وهي مشاهدة أبلغ من الكلام فيها غائبة ، مع أنه صلى الله عليه وسلم يعرفها ، وكما أنه في هذه الآية الكريمة أمرهم أن يروه إياها ليتبيّن بذلك بطلان عبادتها ، فقد أمرهم في آية أخرى أن يسمّوها بأسمائها ؛ لأن تسميتها بأسمائها يظهر بها بعدها عن صفات الألوهيّة ، وبطلان عبادتها لأنها أسماء إناث حقيرة كاللات والعزّى ، ومناة الثالثة الأخرى ؛ كما قال تعالى : { إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً } ، وذلك في قوله تعالى : { وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَاء قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِى الاْرْضِ أَم بِظَاهِرٍ مّنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكْرُهُمْ وَصُدُّواْ عَنِ السَّبِيلِ وَمَن يُضْلِلِ } . .
والأظهر في قوله : { أَرُونِىَ الَّذيِنَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ } في هذه الآية : هو ما ذكرنا من أن الرؤية بصرية ، وعليه فقوله : { شُرَكَاء } حال ، وقال بعض أهل العلم : إنها من رأى