@ 265 @ ما تضمّنته هذه الآية الكريمة من إنكار البعث ، وتكذيب اللَّه لهم في ذلك ، قدم موضحًا في مواضع كثيرة من هذا الكتاب في ( البقرة ) و ( النحل ) وغيرهما . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { إِذَا مُزّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ } ، أي : تمزّقت أجسادكم وتفرّقت وبليت عظامكم ، واختلطت بالأرض ، وتلاشت فيها . وقوله عنهم : { إِنَّكُمْ لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ } ، أي : البعث بعد الموت ، وهو مصب إنكارهم قبّحهم اللَّه ، وهو جلَّ وعلا يعلم ما تلاشى في الأرض من أجسادهم وعظامهم ؛ كما قال تعالى : { قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الاْرْضَ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ } . { أَفَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِّنَ السَّمَآءِ وَالاٌّ رْضِ } . ما دلَّت عليه هذه الآية الكريمة من توبيخ الكفار ، وتقريعهم على عدم تفكّرهم ونظرهم إلى ما بين أيديهم ، وما خلفهم من السماء والأرض ، ليستدلّوا بذلك على كمال قدرة اللَّه على البعث ، وعلى كل شىء ، وأنه هو المعبود وحده ، جاء موضحًا في مواضع أُخر ؛ كقوله تعالى : { أَفَلَمْ يَنظُرُواْ إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ * وَالاْرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَواسِىَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ } ، وقوله تعالى : { أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِى مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَىْء وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ } ، وقوله تعالى : { وَكَأَيّن مِن ءايَةٍ فِى السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ } ، والآيات بمثل ذلك كثيرة معروفة . .
وقال ابن كثير رحمه اللَّه في تفسير هذه الآية : قال عبد بن حميد ، أخبرنا عبد الرزّاق ، عن معمر عن قتادة : { أَفَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مّنَ السَّمَاء وَالاْرْضِ } ، قال : إنك إن نظرت عن يمينك ، أو عن شمالك ، أو من بين يديك ، أو من خلفك ، رأيت السماء والأرض . { إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الاٌّ رْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ السَّمَآءِ } . ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة أمرين : .
أحدهما : أنه إن شاء خسف الأرض بالكفار ، خسفها بهم لقدرته على ذلك .