@ 266 @ .
والثاني : أنه إن شاء أن يسقط عليهم كسفًا من السماء ، فعل ذلك أيضًا لقدرته عليه . .
أمّا الأول : الذي هو أنه لو شاء أن يخسف بهم الأرض لفعل ، فقد ذكره تعالى في غير هذا الموضع ؛ كقوله تعالى : { مَّن فِى السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الاْرْضَ فَإِذَا هِىَ تَمُورُ أَمْ } ، وقوله تعالى : { أَفَأَمِنتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرّ } ، وقوله تعالى : { لَوْلا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا } ، وقوله تعالى في ( الأنعام ) : { أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ } . .
وقوله هنا : { أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مّنَ السَّمَاء } ، قد بيَّنا في سورة ( بني إسرائيل ) ، أنه هو المراد بقوله تعالى عن الكفّار : { أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا } . وقرأه حمزة والكسائي : { إِن يَشَأْ يَخْسِفَ بِهِمُ الاْرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مّنَ السَّمَاء } بالياء المثناة التحتية في الأفعال الثلاثة ، أعني : يشأ ، ويخسف ، ويسقط ؛ وعلى هذه القراءة فالفاعل ضمير يعود إلى اللَّه تعالى ، أي : إن يشأ هو ، أي : اللَّه يخسف بهم الأرض ، وقرأ الباقون بالنون الدالَّة على العظمة في الأفعال الثلاثة ، أي : إن نشأ نحن . . الخ ، وقرأ حفص عن عاصم : { كِسَفًا } بفتح السين ، والباقون بسكونها والكسف بفتح السين القطع ، والكسف بسكون السين واحدها . { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً } . ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة أنه آتى داود منه فضلاً تفضَّل به عليه ، وبيَّن هذا الفضل الذي تفضّل به على داود في آيات أُخر ؛ كقوله تعالى : { وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء } ، وقوله تعالى : { وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَءاتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ } ، وقوله تعالى : { وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } ، وقوله تعالى : { فَغَفَرْنَا لَهُ ذالِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَئَابٍ } ، وقوله تعالى : { مَئَابٍ يادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِى الاْرْضِ } ، وقوله تعالى : { وَلَقَدْ ءاتَيْنَا * دَاوُودُ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالاَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ } ، وقوله تعالى : { وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيّينَ عَلَى بَعْضٍ وَءاتَيْنَا * دَاوُودُ زَبُوراً } ، إلى غير ذلك من الآيات .