@ 190 @ اللَّه تعالى بأنّه منكر وزور فحرمته شديدة ، كما ترى . وبيّن كونه كذبًا وزورًا ، بقوله : { مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِى وَلَدْنَهُمْ } ، وقوله تعالى : { مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مّن قَلْبَيْنِ فِى جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللاَّئِى تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ } . .
وأشار بقوله تعالى : { وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ } ، أن من صدر منه منكر الظهار وزوره ، إن تاب إلى اللَّه من ذلك توبة نصوحًا غفر له ذلك المنكر والزور وعفا عنه ، فسبحانه ما أكرمه وما أحلمه . .
المسألة الثانية : في بيان العود الذي رتّب اللَّه عليه الكفارة ، في قوله : { ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا } ، وإزالة إشكال في الآية . .
اعلم أن هذه المسألة قد بيّناها في كتابنا ( دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب ) ، وسنذكر هنا كلامنا المذكور فيه تتميمًا للفائدة . .
ففي ( دفع إيهام الاضطراب ) ، ما نصّه : قوله تعالى : { وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا } ، لا يخفى أن ترتيبه تعالى الكفارة بالعتق على الظهار والعود معًا يفهم منه أن الكفارة لا تلزم إلا بالظهار والعود معًا ، وقوله تعالى : { مّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا } صريح في أن التكفير يلزم كونه من قبل العود إلى المسيس . .
اعلم أوّلاً : أن ما رجحه ابن حزم من قول داود الظاهري ، وحكاه ابن عبد البرّ عن بكير بن الأشجّ والفراء وفرقة من أهل الكلام ، وقال به شعبة : من أن معنى : { ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ } هو عودهم إلى لفظ الظهار ، فيكرّرونه مرة أخرى قول باطل ، بدليل أن النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يستفصل المرأة التي نزلت فيها آية الظهار ، هل كرّر زوجها صيغة الظهار أو لا ؟ وترك الاستفصال ينزل منزلة العموم في الأقوال ، كما تقدّم مرارًا . .
والتحقيق : أن الكفارة ومنع الجماع قبلها ، لا يشترط فيهما تكرير صيغة الظهار ، وما زعمه بعضهم أيضًا من أن الكلام فيه تقديم وتأخير ، وتقديره : { وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا } ، سالمين من الإثم بسبب الكفارة غير صحيح أيضًا ، لما تقرّر في الأصول من وجوب الحمل على بقاء الترتيب ، إلا لدليل . وإليه الإشارة بقول صاحب ( مراقي السعود ) : والتحقيق : أن الكفارة ومنع الجماع قبلها ، لا يشترط فيهما تكرير صيغة الظهار ، وما زعمه بعضهم أيضًا من أن الكلام فيه تقديم وتأخير ، وتقديره : { وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا } ، سالمين من الإثم بسبب الكفارة غير صحيح أيضًا ، لما تقرّر في الأصول من وجوب الحمل على بقاء الترتيب ، إلا لدليل . وإليه الإشارة بقول صاحب ( مراقي السعود ) : % ( كذاك تريب لإيجاب العمل % بما له الرجحان مما يحتمل ) %