@ 189 @ .
وعلى قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو ، فهو مضارع تظهر على وزن تفعل ، وأصله تتظهرون بتاءين ، فأدغمت إحدى التاءين في الظاء ، وماضيه : اظهر ، نحو : { قَالُواْ اطَّيَّرْنَا } { وَازَّيَّنَتْ } ، بمعنى : تطيّرنا ، وتزينت ؛ كما قدّمنا إيضاحه في سورة ( طه ) ، في الكلام على قوله تعالى : { فَإِذَا هِىَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ } ، فعلم مما ذكرنا أن قولهم ظاهر من امرأته ، وتظاهر منها ، وتظهر منها كلها بمعنى واحد ، وهو أن يقول لها : أنت عليّ كظهر أُمّي ، يعني : أنها حرام عليه ، وكانوا يطلقون بهذه الصيغة في الجاهلية . .
وقد بيَّن اللَّه جلَّ وعلا في قوله هنا : { وَمَا جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللاَّئِى تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ } ، أن من قال لامرأته : أنت عليّ كظهر أُمي ، لا تكون أُمًّا له بذلك ، ولم يزد هنا على ذلك ، ولكنه جلَّ وعلا أوضح هذا في سورة ( المجادلة ) ، فبيَّن أن أزواجهم اللائي ظاهروا منهن لسن أُمّهاتهم ، وأن أُمّهاتهم هنَّ النساء التي ولدنهم خاصة دون غيرهن ، وأن قولهم : أنت عليّ كظهر أُمّي ، منكر من القول وزور . .
وقد بيَّن الكفارة اللازمة في ذلك عند العود ، وذلك في قوله تعالى : { الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُمْ مّن نّسَائِهِمْ مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِى وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مّنَ الْقَوْلِ وَزُوراً } . .
فقوله تعالى في آية ( الأحزاب ) هذه : { وَمَا جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللاَّئِى تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ } ، كقوله تعالى في سورة ( المجادلة ) : { الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُمْ مّن نّسَائِهِمْ مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِى وَلَدْنَهُمْ } ، وقد رأيت ما في سورة ( المجادلة ) ، من الزيادة والإيضاح لما تضمّنته آية ( الأحزاب ) هذه . .
مسائل تتعلق بهذه الآية الكريمة .
المسألة الأولى : قد علمت من القرءان أن الإقدام على الظهار من الزوجة حرام حرمة شديدة ؛ كما دلَّ عليه قوله تعالى : { وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مّنَ الْقَوْلِ وَزُوراً } ، فما صرّح