@ 191 @ .
وسنذكر إن شاء اللَّه الجواب عن هذا الإشكال على مذاهب الأئمّة الأربعة ، رضي اللَّه عنهم وأرضاهم . .
فنقول وباللَّه تعالى نستعين : معنى العود عند مالك فيه قولان ، تؤوّلت المدونة على كل واحد منهما ، وكلاهما مرجّح . .
الأول : أنه العزم على الجماع فقط . .
الثاني : أنه العزم على الجماع وإمساك الزوجة معًا ، وعلى كلا القولين فلا إشكال في الآية . .
لأن المعنى حينئذ : والذين يظاهرون من نسائهم ، ثم يعزمون على الجماع أو عليه مع الإمساك ، فتحرير رقبة من قبل أن يتماسّا فلا منافاة بين العزم على الجماع ، أو عليه مع الإمساك ، وبين الإعتاق قبل المسيس . .
وغاية ما يلزم على هذا القول حذف الإرادة ، وهو واقع في القرءان ؛ كقوله تعالى : { يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا } ، أي : أردتم القيام إليها ، وقوله تعالى : { فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْءانَ } ، أي : أردت قراءته { فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ } . .
ومعنى العود عند الشافعي : أن يمسكها بعد المظاهرة زمانًا يمكنه أن يطلقها فيه فلا يطلّق ، وعليه فلا إشكال في الآية أيضًا ؛ لأن إمساكه إياها الزمن المذكور ، لا ينافي التكفير قبل المسيس ، كما هو واضح . .
ومعنى العود عند أحمد : هو أن يعود إلى الجماع أو يعزم عليه . أمّا العزم ، فقد بيّنا أنه لا إشكال في الآية على القول به ، وأمّا على القول بأنه الجماع . .
فالجواب : أنه إن ظاهر وجامع قبل التكفير يلزمه الكفّ عن المسيس مرة أخرى حتى يكفّر ، ولا يلزم من هذا جواز الجماع الأوّل قبل التكفير ؛ لأن الآية على هذا القول ، إنما بيّنت حكم ما إذا وقع الجماع قبل التكفير ، وأنه وجوب التكفير قبل مسيس آخر ، وأمّا الإقدام على المسيس الأوّل ، فحرمته معلومة من عموم قوله تعالى : { مّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا } . .
ومعنى العود عند أبي حنيفة رحمه اللَّه تعالى : هو العزم على الوطء ، وعليه فلا
