@ 176 @ والأنبياء ، والصالحون : واللَّه لقد لبثتم في كتاب اللَّه إلى يوم البعث ، فهذا يوم البعث ، ولكنكم كنتم لا تعلمون . .
وهذا المعنى الذي دلّت عليه هذه الآية الكريمة جاء موضحًا في سورة ( يس ) على أصحّ التفسيرين ، وذلك في قوله تعالى : { قَالُواْ يأَبَانَا ياوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا } . .
والتحقيق أن هذا قول الكفار عن البعث ، والآية تدلّ دلالة لا لبس فيها ، على أنهم ينامون نومة قبل البعث ، كما قاله غير واحد ، وعند بعثهم أحياء من تلك النومة التي هي نومة موت يقول لهم الذين أوتوا العلم والإيمان : { هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمانُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ } ، أي : هذا البعث بعد الموت ، الذي وعدكم الرحمان على ألسنة رسله ، وصدق المرسلون في ذلك ، كما شاهدتموه عيانًا ، فقوله في ( يس ) : { هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمانُ } ، قول الذين أوتوا العلم والإيمان ، على التحقيق ، وقد اختاره ابن جرير ، وهو مطابق لمعنى قوله : { وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِى كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ } . .
والتحقيق أن قوله هذا إشارة إلى ما وعد الرحمان وأنها من كلام المؤمنين ، وليست إشارة إلى المرقد في قول الكفار : { مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا } ، وقوله : { فِى كِتَابِ اللَّهِ } ، أي : فيما كتبه وقدره وقضاه . وقال بعض العلماء : أن قوله : { هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمانُ } ، من قول الكفار ، ويدلّ له قوله في ( الصافّات ) : { وَقَالُواْ يأَيُّهَا * ياوَيْلَنَا هَاذَا يَوْمُ الدّينِ * هَاذَا يَوْمُ الْفَصْلِ } . { وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } . قد قدّمنا ما فيه من اللغات ، والشواهد العربية في سورة ( النحل ) ، في الكلام على قوله تعالى : { ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } . { وَلَئِن جِئْتَهُمْ بِأايَةٍ لَّيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُبْطِلُونَ } . قد قدّمنا الآيات الموضحة له في سورة ( الأنعام ) ، في الكلام على قوله تعالى : { وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِى قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَاذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } ، وفي سورة ( بني إسرائيل ) ، في الكلام على قوله تعالى : { وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِن