@ 177 @َ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الاْرْضِ يَنْبُوعًا } ، وفي سورة ( يونس ) ، في الكلام على قوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ } الآية ( 01 / 69 ) ، وفي غير ذلك . { وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ } . قد قدمنا في سورة ( بني إسرائيل ) ، في الكلام على قوله تعالى : { لاَّ تَجْعَل مَعَ اللَّهِ إِلَاهًا ءاخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولاً } ، أن اللَّه تعالى قد بيَّن في بعض الآيات القرءانية أنه يخاطب النبيّ صلى الله عليه وسلم بخطاب لا يريد به نفس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، وإنما يريد به التشريع . .
وبيَّنا أن من أصرح الآيات في ذلك قوله تعالى مخاطبًا له صلى الله عليه وسلم : { إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفّ } ، ومعلوم أن والديه قد ماتا قبل نزول : { إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا } ، بزمن طويل ، فلا وجه البتّة لاشتراط بلوغهما ، أو بلوغ أحدهما الكبر عنده ، بل المراد تشريع برّ الوالدين لأُمّته ، بخطابه صلى الله عليه وسلم . .
واعلم أن قول من يقول : إن الخطاب في قوله : { إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا } ، لمن يصح خطابه من المكلّفين ، وأنه كقول طرفة بن العبد : واعلم أن قول من يقول : إن الخطاب في قوله : { إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا } ، لمن يصح خطابه من المكلّفين ، وأنه كقول طرفة بن العبد : % ( ستبدى لك الأيام ما كنت جاهلاً & ; .
خلاف الصواب . .
والدليل على ذلك قوله بعد ذكر المعطوفات ، على قوله : { فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفّ } ، { ذالِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ } ، ومعلوم أن قوله : { ذالِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ } خطاب له صلى الله عليه وسلم ، كما ترى . وذكرنا بعض الشواهد العربية على خطاب الإنسان ، مع أن المراد بالخطاب في الحقيقة غيره . .
وبهذا تعلم أن مثل قوله تعالى : { وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ } ، وقوله : { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } ، وقوله : { وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ ءاثِماً أَوْ كَفُوراً } ، وقوله : { لاَّ تَجْعَل مَعَ اللَّهِ إِلَاهًا ءاخَرَ } ، يراد به التشريع لأُمّته