@ 175 @ . قد بيَّن تعالى الضعف الأول الذي خلقهم منه في آيات من كتابه ، وبيَّن الضعف الأخير في آيات أُخر ؛ قال في الأَوّل : { أَلَمْ نَخْلُقكُّم مّن مَّاء مَّهِينٍ } ، وقال : { خَلَقَ الإِنْسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ } ، وقال تعالى : { أَوَ لَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ } ، وقال : { فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ } ، وقال : { كَلاَّ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مّمَّا يَعْلَمُونَ } ، إلى غير ذلك من الآيات . .
وقال في الضعف الثاني : { وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ } ، وقال : { وَمَن نّعَمّرْهُ نُنَكّسْهُ فِى الْخَلْقِ أَفَلاَ يَعْقِلُونَ } ، إلى غير ذلك من الآيات . وأشار إلى القوة بين الضعفين في آيات من كتابه ؛ كقوله : { فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ } ، وإطلاقه نفس الضعف ، على ما خلق الإنسان منه ، قد أوضحنا وجهه في سورة ( الأنبياء ) ، في الكلام على قوله تعالى : { خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ } . وقرأ عاصم وحمزة : { مّن ضَعْفٍ } في المواضع الثلاثة المخفوضين والمنصوب بفتح الضاد في جميعها ، وقرأ الباقون بالضمّ . .
واختار حفص القراءة بالضم وفاقًا للجمهور ؛ للحديث الوارد عن ابن عمر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، من طريق عطية العوفي أنه أعني ابن عمر قرأ عليه صلى الله عليه وسلم : { مّن ضَعْفٍ } بفتح الضاد ، فردّ عليه صلى الله عليه وسلم ، وأمره أن يقرأها بضم الضاد ، والحديث رواه أبو داود والترمذي وحسّنه ، ورواه غيرهما ، والعلم عند اللَّه تعالى . { وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُواْ يُؤْفَكُونَ } . قد قدّمنا الآيات الموضحة له في سورة ( يونس ) ، في الكلام على قوله تعالى : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مّنَ النَّهَارِ } ، وفي غير ذلك . { وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِى كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَاذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَاكِنَّكُمْ كُنتمْ لاَ تَعْلَمُونَ } . ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة أن الكفار إذا بعثوا يوم القيامة ، وأقسموا أنهم ما لبثوا غير ساعة يقول لهم الذين أُوتوا العلم والإيمان ، ويدخل فيهم الملائكة ، والرسل ،