@ 170 @ باعثهم ، ومجازيهم على أعمالهم ، وإن كان أكثر الناس لا يعلمون هذا ، فكانوا غافلين عن الآخرة ، كافرين بلقاء ربّهم . .
وقوله تعالى في الآيات المذكورة : { وَمَا بَيْنَهُمَا } ، أي : ما بين السماوات والأرض ، يدخل فيه السحاب المسخّر بين السماء والأرض ، والطير صافّات ، ويقبض بين السماء والأرض والهواء الذي لا غنى للحيوان عن استنشاقه . { أَوَلَمْ يَسيرُواْ فِى الاٌّ رْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } ، إلى قوله تعالى : { كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } . قد قدّمنا الآيات الموضحة له في سورة ( الحجر ) ، في الكلام على قوله تعالى : { وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ } . وفي ( المائدة ) ، في الكلام على قوله تعالى : { مِنْ أَجْلِ ذالِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِى } . وفي ( هود ) ، في الكلام على قوله تعالى : { رَبّكَ وَمَا هِى مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ } . وفي ( الإسراء ) ، في الكلام على قوله تعالى : { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ } ، وفي غير ذلك . .
وقوله تعالى في آية ( الروم ) هذه : { كَانُواْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُواْ الاْرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا } ، جاء موضحًا في آيات أُخر ؛ كقوله تعالى : { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِى الاْرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُواْ أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَءاثَاراً فِى الاْرْضِ } ، ونحو ذلك من الآيات . { ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُواْ السُّوءَى أَن كَذَّبُواْ بِأايَاتِ اللَّهِ وَكَانُواْ بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ } . قرأ هذا الحرف نافع وابن كثير وأبو عمرو : { كَانَ عَاقِبَةَ } ، بضم التاء اسم كان ، وخبرها { السُّوْأَى } . وقرأه ابن عامر ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائي : { يَظْلِمُونَ ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ } ، بفتح التاء خبر { كَانَ } قدم على اسمها على حدّ قوله في ( الخلاصة ) : ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُواْ السُّوءَى أَن كَذَّبُواْ بِأايَاتِ اللَّهِ وَكَانُواْ بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ } . قرأ هذا الحرف نافع وابن كثير وأبو عمرو : { كَانَ عَاقِبَةَ } ، بضم التاء اسم كان ، وخبرها { السُّوْأَى } . وقرأه ابن عامر ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائي : { يَظْلِمُونَ ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ } ، بفتح التاء خبر { كَانَ } قدم على اسمها على حدّ قوله في ( الخلاصة ) : % ( وفي جميعها توسط الخبر % أجز . . . ) % .
وعلى هذه القراءة ف { السُّوأَى } اسم { إِن كَانَ } ، وإنما جرد الفعل من التاء مع أن { السُّوأَى } مؤنثة لأمرين :