@ 169 @ لها من الانتهاء إلى ذلك الوقت ، والمراد بلقاء ربهم : الأجل المسمّى ، انتهى كلام صاحب ( الكشاف ) ، في تفسير هذه الآية . .
وما دلّت عليه هذه الآية الكريمة من أن خلقه تعالى للسماوات والأرض ، وما بينهما لا يصحّ أن يكون باطلاً ولا عبثًا ، بل ما خلقهما إلاّ بالحق ؛ لأنه لو كان خلقهما عبثًا لكان ذلك العبث باطلاً ولعبًا ، سبحانه وتعالى عن ذلك علوًّا كبيرًا ، بل ما خلقهما وخلق جميع ما فيهما وما بينهما إلاّ بالحق ، وذلك أنه يخلق فيهما الخلائق ، ويكلّفهم فيأمرهم ، وينهاهم ، ويعدهم ويوعدهم ، حتى إذا انتهى الأجل المسمّى لذلك بعث الخلائق ، وجازاهم فيظهر في المؤمنين صفات رحمته ولطفه وجوده وكرمه وسعة رحمته ومغفرته ، وتظهر في الكافرين صفات عظمته ، وشدّة بطشه ، وعظم نكاله ، وشدّة عدله وإنصافه ، دلّت عليه آيات كثيرة من كتاب اللَّه ؛ كقوله تعالى : { وَمَا خَلَقْنَا * السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ * مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلاَّ بِالْحَقّ وَلَاكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ } ، فقوله تعالى : { إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ } ، بعد قوله : { مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلاَّ بِالْحَقّ } ، يبيّن ما ذكرنا . وقوله تعالى : { وَمَا خَلَقْنَا * السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِالْحَقّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ } . .
فقوله تعالى : { وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ } ، بعد قوله : { وَمَا خَلَقْنَا * السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقّ } يوضح ذلك ، وقد أوضحه تعالى في قوله : { وَللَّهِ مَا فِى * السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الاْرْضِ لِيَجْزِىَ الَّذِينَ أَسَاءواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيِجْزِى الَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِالْحُسْنَى } . .
وقد بيَّن جلَّ وعلا أن الذين يظنون أنه خلقهما باطلاً لا لحكمه الكفار ، وهددهم على ذلك الظنّ الكاذب بالويل من النار ؛ وذلك في قوله تعالى : { وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالاْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذالِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَوَيْلٌ لّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ النَّارِ } ، وبيَّن جلَّ وعلا أنه لو لم يبعث الخلائق ويجازهم ، لكان خلقه لهم أوّلاً عبثًا ، ونزّه نفسه عن ذلك العبث سبحانه وتعالى عن كل ما لا يليق بكماله وجلاله علوًّا كبيرًا ؛ وذلك في قوله تعالى : { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لاَ إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ } . .
فهذه الآيات القرءانية تدلّ على أنه تعالى ما خلق الخلق إلا بالحق ، وأنه لا بدّ