@ 136 @ رضي اللَّه تعالى عنه ، قال : إذا مرّ الرجل بقبر أخيه يعرفه فسلّم عليه ردّ عليه السلام وعرفه ، وإذا مرّ بقبر لا يعرفه فسلّم عليه ردّ عليه السلام . .
وذكر ابن القيّم في كلام أبي الدنيا وغيره آثارًا تقتضي سماع الموتى ، ومعرفتهم لمن يزورهم ، وذكر في ذلك مرائي كثيرًا جدًا ، ثم قال : وهذه المرائي ، وإن لم تصلح بمجرّدها لإثبات مثل ذلك ، فهي على كثرتها ، وأنها لا يحصيها إلا اللَّه قد تواطأت على هذا المعنى ، وقد قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : ( أرى رؤياكم قد تواطأت على أنها في العشر الأواخر ) ، يعني ليلة القدر ، فإذا تواطأت رؤيا المؤمنين على شىء ، كان كتواطىء روايتهم له ، ومما قاله ابن القيّم في كلامه الطويل المذكور ، وقد ثبت في الصحيح أن الميّت يستأنس بالمشيعين لجنازته بعد دفنه ، فروى مسلم في صحيحه من حديث عبد الرحمان بن شماسة المهري ، قال : حضرنا عمرو بن العاص ، وهو في سياق الموت ، فبكى طويلاً وحول وجهه إلى الجدار . . الحديث ، وفيه : فإذا أنا متّ فلا تصحبني نائحة ولا نار ، فإذا دفنتموني فسنّوا عليّ التراب سنًّا ، ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر الجزور ، ويقسم لحمها ، حتى أستأنس بكم وأنظر ماذا أراجع به رسل ربّي ، فدلَّ على أن الميّت يستأنس بالحاضرين عند قبره ويسرّ بهم ، اه . .
ومعلوم أن هذا الحديث له حكم الرفع ، لأن استئناس المقبور بوجود الأحياء عند قبره لا مجال للرأي فيه . ومما قاله ابن القيم في كلامه الطويل المذكور : ويكفي في هذا تسمية المسلم عليهم زائرًا ، ولولا أنهم يشعرون به لما صحّ تسميته زائرًا ، فإن المزور إن لم يعلم بزيارة من زاره ، لم يصح أن يقال : زاره ، وهذا هو المعقول من الزيارة عند جميع الأُمم ، وكذلك السلام عليهم أيضًا ، فإن السلام على من لا يشعر ولا يعلم بالمسلم محال ، وقد علّم النبيّ صلى الله عليه وسلم أُمته إذا زاروا القبور أن يقولوا : ( السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، وإنّا إن شاء اللَّه بكم لاحقون ، يرحم اللَّه المستقدمين منّا ومنكم والمستأخرين ، نسأل اللَّه لنا ولكم العافية ) ، وهذا السلام والخطاب والنداء لموجود يسمع ، ويخاطب ، ويعقل ، ويردّ ، وإن لم يسمع المسلم الردّ . .
ومما قاله ابن القيم في كلامه الطويل ، قوله : وقد ترجم الحافظ أبو محمد عبد الحقّ الأشبيلي على هذا ، فقال : ذكر ما جاء أن الموتى يسألون عن الأحياء ، ويعرفون أقوالهم وأعمالهم ، ثم قال : ذكر أبو عمر بن عبد البرّ من حديث ابن عباس ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم : ( ما من