@ 124 @ و { عَمُونَ } جمع عم ، وهو الوصف من عمى يعمي فهو أعمى وعم ، ومنه قوله تعالى : { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً عَمِينَ } ، وقول زهير في معلّقته : قال البغوي : أي بلغ ولحق ، كما يقال : أدرك علمي إذا لحقه وبلغه ، والإضراب في قوله تعالى : { بَلِ ادرَكَ } ، { بْل هُمْ فَى شَكّ } ، { بَلْ هُم مّنْهَا عَمُونَ } ، إضراب انتقالي ، والظاهر أن من في قوله تعالى : { بَلْ هُم مّنْهَا عَمُونَ } ، بمعنى : عن ، و { عَمُونَ } جمع عم ، وهو الوصف من عمى يعمي فهو أعمى وعم ، ومنه قوله تعالى : { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً عَمِينَ } ، وقول زهير في معلّقته : % ( وأعلم علم اليوم والأمس قبله % ولكنني عن علم ما في غدعم ) % إِنَّ هَاذَا الْقُرْءَانَ يَقُصُّ عَلَى بَنِى إِسْرَاءِيلَ أَكْثَرَ الَّذِى هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } . ومن ذلك اختلافهم في عيسى ، فقد قدَّمنا في سورة ( مريم ) ، ادّعاءهم على أُمّه الفاحشة ، مع أن طائفة منهم آمنت به ؛ كما يشير إليه قوله تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ كُونُواْ يأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ كُونُواْ أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيّينَ مَنْ أَنَّصَارِى إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ } ، والطائفة التي آمنت قالت الحق في عيسى ، والتي كفرت افترت عليه وعلى أُمّه ، كما تقدّم إيضاحه في سورة ( مريم ) . .
وقد قصّ اللَّه عليهم في سورة ( مريم ) و سورة ( النساء ) وغيرهما ، حقيقة عيسى ابن مريم ، وهي أنه { عَبْدُ اللَّهِ } ورسوله { وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مّنْهُ } ، ولمّا بيَّن لهم حقيقة أمره مفصّلة في سورة ( مريم ) ، قال : { ذالِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقّ الَّذِى فِيهِ يَمْتُرُونَ } ، وذلك يبيّن بعض ما دلّ عليه قوله تعالى هنا : { إِنَّ هَاذَا الْقُرْءانَ يَقُصُّ عَلَى بَنِى إِسْراءيلَ أَكْثَرَ الَّذِى هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } . قوله تعالى : { وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤمِنِينَ } . قد قدّمنا الآيات الموضحة له في أوّل سورة ( الكهف ) ، في الكلام على قوله تعالى : { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ } . .
! 7 < { إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلاَ تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ * وَمَآ أَنتَ بِهَادِى الْعُمْىِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِأايَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ * وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَآبَّةً مِّنَ الاٌّ رْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِأايَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ * وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِّمَّن يُكَذِّبُ بِأايَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا جَآءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِأايَاتِى وَلَمْ تُحِيطُواْ بِهَا عِلْماً أَمَّا ذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم بِمَا ظَلَمُواْ فَهُمْ لاَ يَنطِقُونَ * أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا الَّيْلَ لِيَسْكُنُواْ فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِى ذَلِكَ لاّيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * وَيَوْمَ يُنفَخُ فِى الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِى السَّمَاوَاتِ وَمَن فِى الاٌّ رْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ * وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِىَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِى أَتْقَنَ كُلَّ شَىْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ * مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُمْ مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ ءَامِنُونَ * وَمَن جَآءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِى النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبِّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِى حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَىءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْءَانَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِى لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُنذِرِينَ * وَقُلِ الْحَمْدُ للَّهِ سَيُرِيكُمْ ءَايَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ > 7 ! قوله تعالى : { إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلاَ تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ } . اعلم أن التحقيق الذي دلّت عليه القرائن القرءانيّة واستقراء القرءان ، أن معنى قوله : { إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى } ، لا يصح فيه من أقوال العلماء ، إلا تفسيران : .
الأول : أن المعنى : { إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى } ، أي : لا تسمع الكفار الذين أمات اللَّه قلوبهم ، وكتب عليهم الشقاء في سابق علمه إسماع هدى وانتفاع ؛ لأن اللَّه كتب عليهم الشقاء ، فختم على قلوبهم ، وعلى سمعهم ، وجعل على قلوبهم الأكنة ، وفي آذانهم الوقر ،