@ 104 @ .
وقوله : { وَتَوَكَّلْ } قرأه عامّة السبع غير نافع وابن عامر : { وَتَوَكَّلْ } بالواو ، وقرأه نافع وابن عامر : { فَتَوَكَّلْ } بالفاء ، وبعض نسخ المصحف العثماني فيها الواو وبعضها فيها الفاء ، وقوله هنا : { وَتَوكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ } ، قد قدّمنا الآيات الموضحة له في سورة ( الفاتحة ) ، في الكلام على قوله تعالى : { وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } ، وبسطنا إيضاحه بالآيات القرءانية مع بيان معنى التوكّل في سورة ( بني إسرائيل ) ، في الكلام على قوله تعالى : { وَءاتَيْنَآ مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لّبَنِى إِسْراءيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِى وَكِيلاً } . { وَالشُّعَرَآءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ } . { الْشُّعَرَاءُ } : جمع شاعر ، كجاهل وجهلاء ، وعالم وعلماء . و { يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ } : جمع غاو وهو الضالّ ، وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ } يدلّ على أن اتّباع الشعراء من اتِّباع الشيطان ، بدليل قوله تعالى : { إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ } ، وقرأ هذا الحرف نافع وحده : { يَتَّبِعُهُمُ } بسكون التاء المثناة ، وفتح الباء الموحدة ، وقرأه الباقون { يَتَّبِعُهُمُ } بتشديد المثناة ، وكسر الموحدة ، ومعناهما واحد . .
وما ذكره تعالى في هذه الآية الكريمة ، في قوله : { وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ } ، يدلّ على تكذيب الكفار في دعواهم ، أن النبيّ صلى الله عليه وسلم شاعر ؛ لأن الذين يتبعهم الغاوون ، لا يمكن أن يكون النبيّ صلى الله عليه وسلم منهم . .
ويوضح هذا المعنى ما جاء من الآيات ، مبيّنًا أنهم ادّعوا عليه صلى الله عليه وسلم أنه شاعر وتكذيب اللَّه لهم في ذلك ، أما دعواهم أنه صلى الله عليه وسلم شاعر ، فقد ذكره تعالى في قوله عنهم : { بَلْ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ } ، وقوله تعالى : { وَيَقُولُونَ لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ * بَلْ } ، وقوله تعالى : { أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ } . وأمّا تكذيب اللَّه لهم في ذلك ، فقد ذكره في قوله تعالى : { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ } ، وقوله تعالى : { وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشّعْرَ وَمَا يَنبَغِى لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْءانٍ مُّبِينٍ } ، وقوله تعالى : { وَيَقُولُونَ أَءنَّا لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ * بَلْ جَاء بِالْحَقّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ } ؛ لأن