@ 33 @ الشركاء وكل ما لا يليق بجلالك وعظمتك ، ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء : أي ليس للخلائق كلهم ، أن يعبدوا أحداً سواك لا نحن ولا هم ، فنحن ما دعوناهم إلى ذلك ، بل فعلوا ذلك من تلقاء أنفسهم ، من غير أمرنا ، ونحن برآء منهم ، ومن عبادتهم ، ثم قال : { وَلَاكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَءابَاءهُمْ } أي طال عليهم العمر ، حتى نسوا الذكرى أي نسوا ما أنزلته عليهم على ألسنة رسلك ، من الدعوة إلى عبادتك وحدك ، لا شريك لك ، وكانوا قوماً بوراً قال ابن عباس أي هلكى ، وقال الحسن البصرى ومالك عن الزهري : أي لا خير فيهم ا ه . الغرض من كلام ابن كثير . .
وقال أبو حيان في البحر : ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء : أي ما كان يصح لنا ولا يستقيم إلى آخر كلامه . .
وإذا عرفت ما ذكره جل وعلا في هذه الآية من سؤاله للمبعودين وجوابهم له ، فاعلم أن العلماء اختلفوا في المعبودين . فقال بعضهم : المراد بهم الملائكة وعيسى وعزير قالوا : هذا القول يشهد له القرآن ، لأن فيه سؤال عيسى والملائكة عن عبادة عن عبدهم ، كما قال في الملائكة : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلاَء إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ * قَالُواْ سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ } وقال في عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام { وَإِذْ قَالَ اللَّهُ ياعِيسَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِى وَأُمّىَ إِلَاهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِى أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِى بِحَقّ } وجواب الملائكة وجواب عيسى كلاهما شبيه بجواب المعبودين في آية الفرقان هذه ، ولذلك اختار غير واحد من العلماء أن المعبودين الذين يسألهم الله في سورة الفرقان هذه هم خصوص العقلاء ، دون الأصنام . .
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له : الأظهر عندي شمول المعبودين المذكورين للأصنام ، مع الملائكة وعيسى ، وعزير لأن ذلك تدل عليه قرينتان قرآنيتان . .
الأولى : أنه عبر عن المعبودين المذكورين بما التي هي لغير العاقل في قوله : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ } الآية . فلفظة ما تدل على شمول غير العقلاء ، وأنه غلب غير العاقل لكثرته .