@ 34 @ .
القرينة الثانية : هي دلالة آيات من كتاب الله ، على أن المعبودين غافلون عن عبادة من عبدهم : أي لا يعلمون بها لكونهم غير عقلاء كقوله تعالى في سورة يونس { وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ * فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ } وإنما كانوا غافلين عنها لأنهم جماد لا يعقلون . وإطلاق اللفظ المختص بالعقلاء عليهم ، نظراً إلى أن المشركين نزلوهم منزلة العقلاء كما أوضحناه في غير هذا الموضع ، وكقوله تعالى في الأحقاف : { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ * يَدْعُواْ مِن دُونِ اللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ } فقد دل قوله تعالى : { وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ } على أنهم لا يعقلون ، ومع ذلك قال : { وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ } وكقوله تعالى في العنكبوت { وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِى الْحَيَواةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ } الآية . فصرح بأنهم أوثان ، ثم ذكر أنهم هم وعبدتهم يلعن بعضهم بعضاً . وكقوله تعالى : { كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً } إلى غير ذلك من الآيات . .
وقوله في هذه الآية الكريمة { حَتَّى نَسُواْ الذّكْرَ } الظاهر أن معنى نسوا تركوا . والأظهر أن الذكر هو ما جاءت به الرسل من التوحيد ، وقيل ذكر الله بشكر نعمه ، والأصح أن قوله بوراً معناه هلكى ، وأصله اسم مصدر يقع على الواحد وعلى الجماعة ، فمن إطلاقه على الجماعة قوله هنا { وَكَانُواْ قَوْماً بُوراً } وقوله في سورة الفتح { وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْء وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً } ومن إطلاقه على المفرد قول عبد الله بن الزبعري السهمي رضي الله عنه . وقوله في هذه الآية الكريمة { حَتَّى نَسُواْ الذّكْرَ } الظاهر أن معنى نسوا تركوا . والأظهر أن الذكر هو ما جاءت به الرسل من التوحيد ، وقيل ذكر الله بشكر نعمه ، والأصح أن قوله بوراً معناه هلكى ، وأصله اسم مصدر يقع على الواحد وعلى الجماعة ، فمن إطلاقه على الجماعة قوله هنا { وَكَانُواْ قَوْماً بُوراً } وقوله في سورة الفتح { وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْء وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً } ومن إطلاقه على المفرد قول عبد الله بن الزبعري السهمي رضي الله عنه . % ( يا رسول المليك إن لساني % راتق ما فتقت إذ أنا بور ) % .
ويطلق البور على الهلاك . وعن ابن عباس أنها لغة أهل عمان ، وهم من أهل اليمن ، ومنه قول الشاعر : ويطلق البور على الهلاك . وعن ابن عباس أنها لغة أهل عمان ، وهم من أهل اليمن ، ومنه قول الشاعر : % ( فلا تكفروا ما قد صنعنا إليكم % وكافوا به فالكفر بور لصانعه ) % .
واعلم أن ما ذكره الزمخشري في هذه الآية ، وأطنب فيه من أن الله لا يضل أحداً