@ 32 @ .
وقوله في هذه الآية الكرية : { كَانَ عَلَى رَبّكَ وَعْداً مَّسْئُولاً } فيه وجهان معروفان . .
أحدهما : أن معنى كونه مسئولاً أن المؤمنين كانوا يسألونه ، وكانت الملائكة أيضاً تسأله لهم ، أما سؤال المسلمين له فقد ذكره تعالى : بقوله عنهم : { رَبَّنَا وَءاتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ } وسؤال الملائكة لهم إياه ذكره تعالى أيضاً في قوله : { رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِى وَعَدْتَّهُمْ } الآية ، وقال بعض العلماء : مسئولاً : أي واجباً لأن ما وعد الله به واجب الوقوع ، لأنه لا يخلف الميعاد ، وهو جل وعلا يوجب على نفسه بوعده الصادق ما شاء لا معقب لحكمه ويستأنس لهذا القول بلفظة على في قوله : { كَانَ عَلَى رَبّكَ وَعْداً مَّسْئُولاً } كقوله تعالى : { وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنينَ } وقال بعض أهل العلم : إن المسلمين يوم القيامة يقولون : قد فعلنا في دار الدنيا كل ما أمرتنا به فأنجز لنا ما وعدتنا ، والقولان الأولان أقرب من هذا . والعلم عند الله تعالى . قوله تعالى : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ * ءأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِى هَؤُلاَء أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ * قَالُواْ سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِى لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاء وَلَاكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَءابَاءهُمْ حَتَّى نَسُواْ الذّكْرَ وَكَانُواْ } . قرأ هذا الحرف عامة السبعة غير ابن كثير وحفص عن عاصم : نحشرهم ، بالنون الدالة على العظمة ، وقرأ ابن كثير ، وحفص ، عن عاصم : يحشرهم بالياء المثناة التحتية ، وقرأ عامة السبعة غير ابن عامر ، فيقول بالياء المثناة التحتية ، وقرأ ابن عامر فنقول بنون العظمة . .
فتحصل أن ابن كثير وحفصاً يقرآن بالياء التحتية فيهما ، وأن ابن عامر يقرأ بالنون فيهما ، وأن باقي السبعة يقرءُون : نحشرهم بالنون ، فيقول بالياء ، وقد ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أنه يحشر الكفار يوم القيامة ، وما كانوا يعبدون من دونه : أن يجمعهم جميعاً فيقول للمعبودين : أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء فزينتم لهم أن يعبدوكم من دوني ، أم هم ضلوا السبيل : أي كفروا وأشركوا بعبادتهم إياكم من دوني من تلقاء أنفسهم من غير أن تأمروهم بذلك ولا أن تزينوه لهم ، وأن المعبودين يقولون : سبحانك أي تنزيهاً لك عن