@ 24 @ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لاَّ يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى } أي لا يصدنك من لا يؤمن بالساعة عن الإيمان بها ، فتردى : أي تهلك لعدم إيمانك بها ، والردى الهلاك ، وهو هنا عذاب النار بسبب التكذيب بالساعة ، وقد قال تعالى : { وَمَا يُغْنِى عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى } وقوله تعالى في آية طه هذه : فتردى ، يدل دلالة واضحة على أنه إن صده من لا يؤمن بالساعة من التصديق بها ، أن ذلك يكون سبباً لرداه أي هلاكه بعذاب النار كما لا يخفى ، وكقوله تعالى : { وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِئَايَاتِنَا وَلِقَاء الاّخِرَةِ فَأُوْلَئِكَ فِى الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ } فآية الروم هذه ، تدل على أن الذين كذبوا بلقاء الآخرة وهم الذين كذبوا بالساعة معدودون مع الذين كفروا وكذبوا بآيات الله ، وأنهم في العذاب محضرون . وهو عذاب النار . والآيات بمثل ذلك كثيرة . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { بَلْ كَذَّبُواْ بِالسَّاعَةِ } أظهر الأقوال فيه عندي أنه متصل بما يليه ، وأن بل فيه للإضراب الانتقالي ، وقد أوضحنا معنى السعير مع بعض الشواهد العربية في أول سورة الحج ، والعلم عند الله تعالى . قوله تعالى : { إِذَا رَأَتْهُمْ مّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً } . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن النار يوم القيامة ، إذا رأت الكفار من مكان بعيد : أي في عرصات المحشر اشتد غيظها على من كفر بربها وعلا زفيرها فسمع الكفار صوتها من شدة غيظها ، وسمعوا زفيرها . .
وما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة بين بعضه في سورة الملك ، فأوضح فيها شدة غيظها على من كفر بربها ، وأنهم يسمعون لها أيضاً شهيقاً مع الزفير الذي ذكره في آية الفرقان هذه ، وذلك في قوله تعالى : { إِذَا أُلْقُواْ فِيهَا سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقًا وَهِىَ تَفُورُ * تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ } أي يكاد بعضها ينفصل عن بعض من شدة غيظها ، على من كفر بالله تعالى . .
وللعلماء أقوال في معنى الزفير والشهيق ، وأقربها أنهما يمثلهما معاً صوت الحمار في نهيقه ، فأوله زفير ، وآخره الذي يردده في صدره شهيق . .
والأظهر أن معنى قوله تعالى : { سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً } أي سمعوا غليانها من شدة غيظها ، ولما كان سبب الغليان التغيظ أطلقه عليه ، وذلك أسلوب عربي معروف . وقال