@ 23 @ .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة { وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً } يدل على أن التكذيب بالساعة كفر مستوجب لنار جهنم ، كما سترى الآيات الدالة على ذلك قريباً إن شاء الله تعالى . وهذان الأمران المذكوران في هذه الآية الكريمة ، وهما تكذيبهم بالساعة ، ووعيد الله لمن كذب بها بالسعير جاءا موضحين في آيات أخر ، أما تكذيبهم بيوم القيامة لإنكارهم البعث ، والجزاء بعد الموت ، فقد جاء في آيات كثيرة عن طوائف الكفار كقوله تعالى : { إِنَّ هَؤُلاَء لَيَقُولُونَ * إِنْ هِىَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الاْوْلَى وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ } وقوله تعالى : { مَن يُحىِ الْعِظَامَ وَهِىَ رَمِيمٌ } إلى غير ذلك من الآيات . .
وأما كفر من كذب بيوم القيامة ووعيده بالنار ، فقد جاء في آيات كثيرة كقوله تعالى : { وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لاَ رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِى مَا السَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً } إلى قوله : { وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مّن نَّاصِرِينَ } فقوله : ومأواكم النار بعد قوله : { قُلْتُم مَّا نَدْرِى مَا السَّاعَةُ } ، يدل على أن قولهم : ما تدري ما الساعة هو سبب كون النار مأواهم ، وقوله بعده { ذَلِكُم بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ ءايَاتِ اللَّهِ هُزُواً } لا ينافي ذلك لأن من اتخاذهم آيات الله هزواً تكذيبهم بالساعة ، وإنكارهم البعث كما لا يخفى ، وكقوله تعالى : { وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَءذَا كُنَّا تُرَابًا أَءنَّا لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ وَأُوْلَئِكَ الاْغْلَالُ فِى أَعْنَاقِهِمْ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ } فقد بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة من سورة الرعد أن إنكارهم البعث ، الذي عبروا عنه باستفهام الإنكار في قوله تعالى عنهم { مُزّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ } جامع بين أمرين . .
الأول منهما : أنه عجب من العجب لكثرة البراهين القطعية الواضحة الدالة على ما أنكروه . .
والثاني منهما : وهو محل الشاهد من الآية أن إنكارهم البعث المذكور كفر مستوجب للنار وأغلالها والخلود فيها ، وذلك في قوله تعالى مشيراً إلى الذين أنكروا البعث { أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ وَأُوْلَئِكَ الاْغْلَالُ فِى أَعْنَاقِهِمْ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ } ومعلوم أن إنكار البعث إنكار للساعة ، وكقوله تعالى : { فَلاَ