@ 25 @ بعض أهل العلم : سمعوا لها تغيظاً : أي أدركوه ، والإدراك يشمل الرؤية والسمع ، وعلى هذا فالسمع مضمن معنى الإدراك ، وما ذكرنا أظهر . .
وقال القرطبي : قيل المعنى إذا رأتهم جهنم سمعوا لها صوت التغيظ عليهم ، ثم ذكر في آخر كلامه أن هذا القول هو الأصح . مسألة .
اعلم أن التحقيق أن النار تبصر الكفار يوم القيامة ، كما صرح الله بذلك في قوله هنا : { إِذَا رَأَتْهُمْ مّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } ورؤيتها إياهم من مكان بعيد ، تدل على حدة بصرها كما لا يخفى ، كما أن النار تتكلم كما صرح الله به في قوله : { يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلاَتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ } والأحاديث الدالة على ذلك كثير ، كحديث محاجة النار مع الجنة ، وكحديث اشتكائها إلى ربها ، فأذن لها في نفسين ، ونحو ذلك ، ويكفى في ذلك أن الله جل وعلا صرح في هذه الآية ، أنها تراهم وأن لها تغيظاً على الكفار ، وأنها تقول : هل من مزيد . .
واعلم أن ما يزعمه كثير من المفسرين وغيرهم ، من المنتسبين للعلم من أن النار لا تبصر ، ولا تتكلم ، ولا تغتاظ . وأن ذلك كله من قبيل المجاز ، أو أن الذي يفعل ذلك خزنتها كله باطل ولا معول عليه لمخالفته نصوص الوحي الصحيحة بلا مستند ، والحق هو ما ذكرنا . .
وقد أجمع من يعتد به من أهل العلم على أن النصوص من الكتاب والسنة ، لا يجوز صرفها عن ظاهرها إلا لدليل يجب الرجوع إليه ، كما هو معلوم في محله . .
وقال القرطبي في تفسير هذه الآية الكريمة : إن القول بأن النار تراهم هو الأصح ، ثم قال لما روى مرفوعاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من كذب علي متعمداً فليتبوأ بين عيني جهنم مقعداً . قيل يا رسول الله أولها عينان ؟ قال : أو ما سمعتم الله عز وجل يقول : إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظاً وزفيراً ، يخرج عنق من النار له عينان تبصران ولسان ينطق فيقول : وكلت بكل من جعل مع الله آلهاً آخر فهو أبصر بهم من الطير بحب السمسم فيلتقطه ) وفي رواية ( يخرج عنق من النار فيلتقط الكفار لقط الطائر حب السمسم ) ذكره رزين في كتابه ، وصححه ابن العربي في قبسه ، وقال : أي تفصلهم عن