@ 22 @ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا } . .
قال الزمخشري : ضربوا لك الأمثال قالوا : فيك تلك الأقوال ، واقترحوا لك تلك الصفات والأحوال النادرة ، من نبوة مشتركة بين إنسان وملك ، وإلقاء كنز عليك من السماء ، وغير ذلك ، فبقوا متحيرين ضلالاً لا يجدون قولاً يستقرون عليه ، أو فضلوا عن الحق ، فلا يجدون طريقاً إليه ا ه . .
والأظهر عندي في معنى الآية ما قاله غير واحد من أن معنى : ضربوا لك الأمثال : أنها تارة يقولون إنك ساحر ، وتارة مسحور ، وتارة مجنون ، وتارة شاعر ، وتارة كاهن ، وتارة كذاب ، ومن ذلك ما ذكر الله عنهم من قوله هنا : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَاذَا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ } الآية ، وقوله : { وَقَالُواْ أَسَاطِيرُ الاْوَّلِينَ } وقوله : { وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً } وقوله تعالى : { فُضّلُواْ } أي عن طريق الحق ، لأن الأقوال التي قالوها ، والأمثال التي ضربوها كلها كذب وافتراء ، وكفر مخلد في نار جهنم ، فالذين قالوها هم أضل الضالين ، وقوله تعالى : { فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً } فيه أقوال كثيرة متقاربة . .
وأظهرها أن معنى : فلا يستطيعون سبيلاً : أي طريقاً إلى الحق والصواب ، ونفي الاستطاعة المذكور هنا كقوله تعالى : { مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ } وقوله تعالى : { الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِى غِطَاء عَن ذِكْرِى وَكَانُواْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً } وقد قدمنا الآيات الموضحة لذلك في سورة هود في الكلام على قوله تعالى { مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ } وقد قدمنا أيضاً معنى الظلم والضلال والضلال وما فيهما من الإطلاقات في اللغة مع الشواهد العربية في مواضع متعددة من هذا الكتاب المبارك ، فأغنى ذلك عن إعادته هنا . قوله تعالى : { بَلْ كَذَّبُواْ بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً } . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن الكفار كذبوا بالساعة أي أنكروا القيامة من أصلها لإنكارهم البعث بعد الموت والجزاء ، وأنه جل وعلا اعتد أي هيأ وأعد لمن كذب بالساعة : أي أنكر يوم القيامة سعيراً : أي ناراً شديدة الحر يعذبه بها يوم القيامة .