@ 540 @ لفظ الرجال ، وإن كان بانلظر إلى مجرده اسم جنس جامد وهو لقب بلا نزاع ، فإنه يستلزم من صفات الذكورة ما هو مناسب لإناطة الحكم به ، والفرق بينه وبين النساء ، لأن الرجال لا تخشى منهم الفتنة ، وليسوا بعورة بخلاف النساء ، ومعلوم أن وصف الذكورة وصف صالح لإناطة الحكم به الذي هو التسبيح في المساجد ، والخروج إليها دون وصف الأنوثة . .
والحاصل : أن لفظ الرجال في الآية ، وإن كان في الاصطلاح لقباً فإنما يشتمل عليه من أوصاف الذكورة المناسبة للفرق بين الذكور والإنثار ، يقتضي اعتبار مفهوم المخالفة في لفظ رجال ، فهو في الحقيقة مفهوم صفة لا مفهوم لقب ، لأن لفظ الرجال مستلزم لأوصاف صالحة لإناطة الحكم به ، والفرق في ذلك بين الرجال والنساء كما لا يخفى . .
المسألة الثالثة : إذا علمت أن التحقيق أن مفهوم قوله : رجال مفهوم صفة باعتبار ما يستلزمه من صفات الذكورة المناسبة للفرق بين الذكور والإناث ، في حكم الخروج إلى المساجد لا مفهوم لقب ، وأن مفهوم الصفة معتبر عند الجمهور خلافاً لأبي حنيفة . .
فاعلم أن مفهوم قوله هنا : رجال فيه إجمال ، لأن غاية ما يفهم منه أن النساء لسن كالرجال في الخروج للمساجد ، وقد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك أن البيان القرآني إذا كان غير واف بالمقصود من تمام البيان . فإنا نتمم البيان من السنة من حيث إنها تفسير للمبين باسم الفاعل ، وتقدمت أمثلة لذلك . .
وإذا علمت ذلك فاعلم أن السنة النبوية بينت مفهوم المخالفة في قوله تعالى في هذه الآية الكريمة : رجال ، فبينت أن المفهوم المذكور معتبر ، وأن النساء لسن كالرجال في حكم الخروج إلى المساجد ، وأوضحت أن صلاتهن في بيوتهن أفضل لهن من الخروج إلى المساجد والصلاة فيها في الجماعة ، بخلاف الرجال ، وبينت أيضاً أنهن يجوز لهن الخروج إلى المساجد بشروط سيأتي إيضاحها إن شاء الله تعالى ، وأنهن إذا استأذن أزواجهن في الخروج إلى المساجد فهم مأمورون شرعاً بلإذن لهن في ذلك مع التزام الشروط المذكورة . .
أما أمر أزواجهن بالإذن لهن في الخروج إلى المساجد إذا طلبن ذلك فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم : قال البخاري رحمه الله في صحيحه في كتاب النكاح : حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان ، حدثنا الزهري عن سالم ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا استأذنت