@ 539 @ يبكيه فقال : يبكيه ضارع لخصومة الخ . وقراءة ابن عامر ، وشعبة هنا كقراءة ابن كثير : كذلك يوحى إليك بفتح الحاء مبنياً للمفعول فقوله : الله فاعل يوحى المذحوفة ، ووصفه تعالى لهؤلاء الرجال الذين يسبحون له بالغدو والآصال ، بكونهم لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة على سبيل مدحهم ، والثناء عليهم . يدل على أن تلك الصفات لا ينبغي التساهل فيها بحال ، لأن ثناء الله على المتصف بها يدل على أن من أجل بها يستحق الذم الذي هو ضد الثناء ، ويوضح ذلك أن الله نهى عن الإخلال بها نهياً جازماً في قوله تعالى : { ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلاَ أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَائِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } وقوله تعالى : { ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَواةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُواْ الْبَيْعَ } الآية إلى غير ذلك من الآيات . مسائل تتعلق بهذه الآية الكريمة .
المسألة الأولى : اعلم أنه على قراءة ابن عامر ، وشعبة : يسبح بفتح الباء يحسن الوقف على قوله : بالآصال ، وأما على قراءة الجمهور يسبح بالكسر ، فلا ينبغي الوقف على قوله : بالآصال ، لأن فاعل يسبح رجال ، والوقف دون الفاعل لا ينبغي كما لا يخفى . .
المسألة الثانية : اعلم أن الضمير المؤنث في قوله : { يُسَبّحُ لَهُ فِيهَا } راجع إلى المساجد المعبر عنها بالبيوت في قوله : { فِى بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ } والتحقيق : أن البيوت المذكورة ، هي المساجد . .
وإذا علمت ذلك فاعلم أن تخصيصه من يسبح له فيها بالرجال في قوله { يُسَبّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوّ وَالاْصَالِ رِجَالٌ } يدل بمفهومه على أن النساء يسبحن له في بيوتهن لا في المساجد ، وقد يظهر للناظر أن مفهوم قوله : رجال مفهوم لقب ، والتحقيق عند الأصوليين أنه لا يحتج به . .
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له : لا شك أن مفهوم لفظ الرجال ، مفهوم لقب بالنظر إلى مجرد لفظه ، وأن مفهوم اللقب ليس بحجة على التحقيق ، كما أوضحناه في غير هذا الموضع . ولكن مفهوم الرجال هنا معتبر ، وليس مفهوم لقب على التحقيق ، وذلك لأن