@ 535 @ ذلك ، والمثل الذي أنزله إلينا في هذه السورة ، شبيه بقصة يوسف ، لأنه هو وعائشة كلاهما رمى بما لا يليق ، وكلاهما برأه الله تعالى ، وبراءة كل منهما نزل بها هذا القرآن العظيم ، وإن كانت براءة يوسف وقعت قبل نزول القرآن بإقرار امرأة العزيز ، والنسوة كما تقدم قريباً بشهادة الشاهد من أهلها . { إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ } إلى قوله : { فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ } الآية . .
ومن الآيات المبينة لبعض أمثال الذين من قبلنا ما ذكرنا تعالى عن قوم مريم من أنهم رموها بالفاحشة ، لما ولدت عيسى من غير زوج كقوله تعالى : { وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً } يعني فاحشة الزنى . وقوله تعالى : { فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُواْ يامَرْيَمُ * مَرْيَمَ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً } يعنون الفاحشة ، ثم بين الله تعالى براءتها مما رموها به في مواضع من كتاب كقوله تعالى : { فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُواْ كَيْفَ نُكَلّمُ مَن كَانَ فِى الْمَهْدِ صَبِيّاً * قَالَ إِنّى عَبْدُ اللَّهِ ءاتَانِىَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِى نَبِيّاً * وَجَعَلَنِى مُبَارَكاً } إلى قوله : { وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً } فكلام عيسى ، وهو رضيع ببراءتها ، يدل على أنها بريئة . وقد أوضح الله براءتها مع بيان سبب حملها بعيسى ، من غير زوج ، وذلك في قوله تعالى : { وَاذْكُرْ فِى الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِياً * فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِم حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً * قَالَتْ إِنّى أَعُوذُ بِالرَّحْمَانِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً * قَالَ إِنَّمَا أَنَاْ رَسُولُ رَبّكِ لاِهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً * قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِى غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً * قَالَ كَذالِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَىَّ هَيّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ * لّلْنَّاسِ وَرَحْمَةً مّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً * فَحَمَلَتْهُ * فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً } إلى آخر الآيات . .
ومن الآيات التي بين الله فيها براءتها قوله تعالى في الأنبياء : { وَالَّتِى أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا ءايَةً لّلْعَالَمِينَ } وقوله تعالى في التحريم : { وَمَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ الَّتِى أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبَّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ } وقوله تعالى : { إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ ءادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ } . .
فهذه الآيات التي ذكرنا التي دلت على قذف يوسف وبراءته وقذف مريم وبراءتها